رواية نسائم الروح للكاتبة أمل نصر
المحتويات
بعدم استيعاب شاشة الهاتف وصورة تجمعها مع هذا المدعو عمر يوم لقاءها به في مبنى عيادة الطبيبة النسائية التي ذهبت اليها لمتابعة الحمل وتفاجأت به هناك!
استدركت سريعا لتغمغم ببغض
عملتها يا عمر.
بابتسامة واسعة دلفت تحمل على يدها طبق الفاكهة ترحب بحرارة بصديقتها التي أتت اليها اليوم دون ميعاد مسبق
يا اهلا يا مراحب بصاحبة الطلة العزيزة عزيزة عاش مين شافك يا ملكومة.
اسكتي يا فتنة دا انا الفرحة مش شايلاني عايزة اجعد معاكي اليوم كله النهاردة لا حد هيحاسبني ولا هيجولي انتي فين
غمغمت فتنة بدهشة وهي تتخذ مقعدها بجوارها
وه يا جزينة اللي يشوفك يقول مسجونة واتفك حپسها.
رددت عزيزة بتشدق
إلا محپوسة يا فتنة وهي اللي تعاشر عزب تعرف الحرية اصلا لما يدج على حاجة ولا مانفذش كلمة جالهالي والنعمة بيحاسبني حساب الملكين
ودلوك لو سمعك مش بعيد يعلجك في المروحة.
يا ساااتر ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه .
تمتمت بها عزيزة بفزع لتزيد من تسلية الأخرى وضحكاتها حتى اذا انتهت تحولت إلى الجديدة تسألها بلؤم
طب وعلى كدة ناوي يرجع جريب ولا هيستني مع المحروسة وجوزها
كالعادة غفلت عزيزة عن مغزى السؤال لتجيبها بعدم تركيز وهي تتناول حبات العنب الصغير
هما مين اللي هيولدهم
في حد تاني غير روح حامل
تمتمت فتنة بالسؤال ثم سرعان ما توسعت عينيها باستدراك لتردف پغضب
توقفت حبة العنب في فمها وظهر الجزع جليا على ملامحها بعدما ازلفت بالخطأ لتصيح بها فتنة پغضب
بتخبي عليا يا عزيزة وانتي عاملة فيها صحبتي حاجة مهمة زي دي متجولهاليش
سارعت عزيزة بالتبرير
والله ما ذنبي ما انتي عارفة عزب وشدته انا كنت سمعت كلام امه بالصدفة عن زيارة الدكتورة ومتابعة نادية ساعتها لما سألته لجيته بيغدرلي ونبه عليا مجيبش سيرة جدام مخلوج لحد الخبر ما يطلع من صحابه انا مليش ذنب والله ثم انتي هتزعلي نفسك ليه دا انتي مخلفة البن.........
صاحب بها مقاطعة بحدة اجفلت الأخرى لتصمت خشية ڠضبها لتتدارك فتنة ما الذي قد يصل لذهن هذه الغبية الان بما قد يضر بصورتها لتسارع بالتصحيح بابتسامة ماقتة
ع العموم ربنا يهني سعيد بسعادة ولا يغوروا ف داهية انا ايه اللي هيزعلني اصلا وانا هتجوز قريب باللي هيكيد الكل بكرة الجميع يعرف مين هي فتنة.
وه يا فتنة يعني انتي على كدة مخطوبة طب ليه محدش جال ولا انتوا مخبيين على ما يتم المراد طب والله دا احسن حاجة هو مين على كدة من عيال عمنا ولا حد تاني من البلد
ابتسامة ممتعضة لاحت على ملامحها فهذه الحمقاء تزعجها بالأسئلة الفضولية الغبية ولكنها لا تملك الا ان تجيبها الان بما يرطب على كبريائها
العريس يبجى بيه كبير كبير جوي يا عزيزة بس احنا لسة في بداية الكلام يعني تكتمي على الموضوع خالص ومتجبيش سيرة لمخلوج انا مش عايزة وجف حال ولا حد يصدرلي في الجوازة انتي فاهمة طبعا جصدي ايه
رددت خلفها باستفهام
جصدج مين غازي بيه لا طبعا مش معقول يوجف في طريجك إلا إذا كان عايز يرجعك تاني معجول يجمع ما بينكم انتي ونادية
ومين دي اللي هتجبل يا بت حد جالك اني ببص على حاجة رميتها جبل سابج
هتفت بها بتعالي لتكمل بغرورها وبداخلها تعتزم على اتمام الامر في اسرع وقت كي تسترد كرامتها قبل ان تعلن الأخرى عن خبر حملها
بكرة لما تشوفي بعينك الهنا اللي صاحبتك هتبجى في جوازة تستحجها تعرفي ان دا العوض الصح لواحدة زيي واحد يستاهلني على حق
عاد اخيرا بعدما تعدت الساعة الواحدة صباحا وهي تتقلب على ڼار الجمر في انتظاره تعلم بما يشعر به الان هي تصرفت بطبيعتها وقد غفلت عن طبعه الثائر
وبما قد يظنه بها في هذا الوقت ولكنها معذورة فما سمعته قد حطم الصورة المثالية للرجل الذي عاشت في كنفه سنوات يمنحها
مني جولي ع الاعتذار اللي انت عايزه وانا مستعدة.
اغمض عينيه يبتلع ليزفر أنفاس مشحونة بألمه يأسه وإحباطه لا يدري بما يجيبها تطلب منه تقبل السماح ولا تدري بأن قلبه كان ېنزف طوال الساعات الماضية كيف بعد ان ادخلته بجنتها وذاق حلاوتها تهوي به في جب سحيق بمجرد ذكر اسم الراحل امامها ليعلم بحجم تقزمه في قلبها مقابل الراحل كيف يتجنب هذه النيران التي تشتعل بصدره في كل مرة يرى بها حنينها للماضي يا ليته كان هو ماضيها وحاضرها ومستقبلها ياليت حظه التعيس يتبدل.
يا غازي انا بكلمك.
عادت تناديه هامسة في اذنه بإغواء ېحطم كل سبل المقاومة منه ليخرج صوته بصعوبة اليها
عايزة إيه يا نادية
شددت من ضمته بذراعها تجيبه بجرأة اصبح يكتشفها بها حديثا
عايزاك يا غازي عايزة رضاك عايزة وصالك بدال جفاك. بجولك عايزاك يا غازي افهم بجى
الى هنا ولم تعد به ارادة للرفض من الأساس ليعتدل فجأة مغيرا وضعيته ليصبح هو الأعلى وهي المستلقية بظهرها امامه يرمقها بصمت لم يدوم إلا لحظات قبل ان يقطعه بعد زفرة طويلة اخرجها من العمق
أفهم إيه بالظبط وانا هايم في بحر عشقك وانتي مرة تطلعيني في موجة عالية في حبك المس بيها نجوم السما ومرة تدوسي عليا لحد ما اغطس للغريق
رفعت يدها لتلمس بأناملها الحانية على منبت الشعيرات النامية بفكه وذقنه لتخفف من معاناة تراها جلية داخل مقلتيه
اللي زيك عمره ما يغرق يا غازي لأنك المرسى وبر الامان لينا كلنا انت السند والحيطة اللي اميل عليها عشان افضل واقفة ومجعش ابدا انت.......
انا ايه يا نادية
سألها برجاء يلتمس منها ما يرطب على قلبه المسكين
انت جوزي يا غازي هو في اكبر منها دي
اه في وانتي عارفاها زين!
ود ان ينطق بها امامها ولكن منعه الكبرياء وفضل الا يستجديها لتقولها إن لم تكن منها هي نفسها وتنطق بها من عمق قلبها والى ان يأتي هذا اليوم ف ليرضى بهذا التطور منها مدامت بادرت بالقرب فهو لن يخذلها ابدا وليصبر ويتحمل المزيد حتى يحدث ما يتمناه.
هتفضل باصصلي كدة كتير من غير ما تطمني ولا اعرف انك سامحتني
وانا من انتي قدرت اشيل منك يا جلب غازي...
.......يتبع
الفصل الثامن عشر ج٢
داخل غرفة معتمة وجدرانها المتشققة رسمت لوحات من البؤس من حوله يشعر برطوبة الأرض من أسفله وروائح مقرفة تملأ رئتيه إشمئزاز وتقزز والأكثر والأبشع هو تحرك هذه الجدران وكأن فرد ما يحركها بالبطيء رويدا رويدا لتضيق وتضيق وتضيق ثم انحسار انفاسه داخل صدره حتى توشك على خروج الروح من جسده يود النداء او الاستغاثة بأحد ما ينجده يتطلع الى السقف بأمل يريد النجاة لكن صوته محپوس لا يخرج من حنجرته يستمر في محاولاته دون جدوى حتى يستسلم حين يغلبه اليأس مقررا بداخله انها النهاية ليرخي مقاومته في انتظارها عله يجد الراحة بعدها ولكن فجأة يتغير كل ذلك ويعود كل شيء لأصله ويجده امامه! بهيئته الوسيمة كعادته يظهر له من العدم جالسا على عقبيه مقربا وجهه منه بابتسامة قميئة يحدثه
ما انا قولتلك من الأول اتجوزها يا عمر
اصحى يا عمر اصحى انت في كابوس
تلك الكلمات التي اخترقت أسماعه ليستعيد وعيه مع موصلتها لهزهزة جسده الضخم ليستقيظ فجأة بنظرة حادة اجفلتها لتتراجع بوجهها عنه وتستقيم واقفة فينتبه هو لنومته جالسا على الاريكة ثم مخاطبة زوجته له بتوتر
انا صحيت من نومي على الأصوات اللي كانت طالعة منك أصلي مكنتش اعرف انك جاعد هنا في الصالة والنوم غلبني وانا مستنياك ليلة امبارح فى أوضتي
ابتلع ريقه بتوجس ليسألها مستفسرا
وانا كنت بجول ايه ولا الساعة كام دلوك
الساعة دلوك داخلة على تلاتة وع اللي كنت بتخترف بيه صراحة مكنش مفهوم معظم كلامك غير جولة لأ والباجي كان همهمة أو بتزوم جافل خشمك اكنك كنت بتحارب.... ولا بتتعرك مع حد......
طريقتها في الشرح وارتباكها في النظر اليه والى هيئته والتي يعلم تمام العلم الان انها مزرية
لتواصل معبرة عن قلقها
شكلك حلمت بكابوس عفش انا بجول تاجي تريح على فرشتك وتكمل نومك على سريرك بدل الكنبة اللي اكيد اثرت على ضهرك.
اومأ لها بهز رأسه مخرجا زفرات متتالية يردد بصوت متحشرج
ماشي ماشي تمام روحي اسبجيني انتي وانا جاي وراكي.
حينما ظلت واقفة دون حراك اعاد عليها الأمر مرة أخرى
خلاص جولت جاي وراكي يا هدير روحي ياللا من جدامي.
اضطرت تحت ضغطه وحتى لا تثير غضبه ان تستجيب ذاهبة نحو غرفتها وربما اخذتها فرصة لتهرب من امامه وقد تمكن منها الجزع من وقت ما استيقظت من نومها على أصوات غريبة أوقفت قلبها في البداية قبل ان تتمالك لترى من اين تأتي.
هالها ما رأته وقد بدا وكأنه يصارع الڠرق وسط امواج عاتية يقاوم الاختناق او المۏت لا تعلم ولكنها خاڤت منه وعليه.
اما هو فقد تجمد بعض الوقت ناظرا في أثرها باستيعاب بطيء انه الان في منزله وفي بلدته مع امرأة مختلفة حر ويفعل ما يشاء رغم تشتته الان والقلق الذي استبد به ليجعل ارتخاء جسده كمن اصابه الشلل وقد عادت اسوء الصور بذهنه تذكره بما حدث زوجته العزيزة تظنه حلم ولا تعلم انه كان حقيقة بالفعل!
زفر بقوة يطرد انفاس كالدخان من صدره عبر انفه متذكرا أخر ما قام به قبل ان يغلبه النعاس هنا في جلسته بعدما راسل من كانت سببا في كل ما عاناه السنوات الاخيرة من أجل الوصول لها ومع ذلك لم يصل إليها.
نظر بشاشة الهاتف فتأكد اليه انها شاهدتها تلك الصورة التي أتى بها من كاميرات المبنى اثناء لقاءه بها يوم زيارة الطبيبة ليبعثها الان بغرض ان يجس نبضها في البداية ولكنها
لم ترد لم تستفسر لم تسب او ټشتم اللعڼة كيف لها ان تتجاهل من الأساس
غمغم بخشونة وقد استفزه عدم اكتراثها
ماشي يا ست روح انا وراكي واما اشوف هنوصل لفين
اما هي فقد كانت في هذا الوقت مستيقظة ايضا جالسة بجذعها على الفراش متكتفة الذراعين بتفكير متعمق وقد سرق النوم منها رغم نجاحها في اخفاء الأمر عن زوجها ومجاهدتها حتى لا يشعر بما يعتريها من مخاۏف فيسألها عن سبب تغيرها تلعنه
متابعة القراءة