أمرأة العُقاب ل ندا محمود
المحتويات
وهي تسير .. فحرارتها المرتفعة أضعفت جسدها وانهكته فلا تقوى على الوقوف والسير بخفة كطبيعتها .
وصلت أخيرا للمطبخ فاتسعت عيناها بدهشة وتجمدت بأرضها تحدق به في ريبة يقف ويقوم بتقطيع الخضروات في مهارة بحركات متقنة هي نفسها لا تحسن امساك السکين بهذا الاحتراف يديه سريعة في التحضير والطبخ لم تكن تظن أبدا أنه يحسن تحضير الأكل بهذا الشكل ! .
روحي ارتاحي في السرير وأنا دقايق وهاجي وراكي
جلنار بتعجب
إنت بتعمل إيه !
روحي ياجلنار وهتعرفي لما آجي
فوق يديه رمشت بعيناها عدة مرات في ذهول .. ظلت تتابعه بملامح وجه متجمدة حتى رأته يجلس ويضع الطعام في المنتصف بينهم .. استمرت في التحديق لحظة بالطعام ولحظة به حتى هتف هو متعجبا
جلنار مشيرة للطعام بسبابتها في دهشة
إنت عملت الأكل ده عشاني !!!!
امال عشان مين يعني !
اعتقدت أنه يعد الطعام لنفسه لم تتوقع أبدا أنه لها فظهر شبح ابتسامة رقيقة فوق شفتيها لكنها قالت برفض
شكرا بس أنا مش قادرة أكل والله ومليش نفس
رأته يبتسم بطريقة مريبة ويمسح على وجهه مطلقا زفيرا حارا .. وكانت حركته القادمة أشدهم دهشة حيث وجدته يمسك بالمعلقة ويملأها بالحساء ثم يرفعها لفمها يحثها بنظراته الحازمة أن تأكل .. لكنها أمسكت منه المعلقة وانزلتها في الصحن مرة أخرى تهتف في دهشة
عاد يمسك بالمعلقة من جديد ويقول مبتسما ببساطة ولهجة آمرة
أنا هبقى مش طبيعي فعلا لو مكلتيش .. يلا كلي
لم تتمكن من أظهار رفضها مجددا بعد لهجته فانحنت تبتلع الحساء الذي بالمعلقة في نفور وعدم رغبة وقبل أن يضع المعلقة ويملأها من جديد جذبتها
من يده وقالت
ميرسى خلاص أنا هكمل وحدي
جذبت الكوب من يده بقوة في غيظ من تصرفاته التي لا تفهمها .. لا تزعجها بالعكس تماما لكن يستفزها كونها لا تفهم سبب
تحوله الجذري .. ارتشفت كوب الماء كله دفعة واحدة وانزلته ثم قالت بحدة
إنت عايز إيه بظبط !!
فهم ما تلمح إليه ومقصدها ليبتسم بساحرية ثم يهز كتفيه بعبث متمتما في لؤم وانامله وجدت طريقها لوجنتها
رمقته شزرا وهتفت بشراسة مٹيرة
شيل إيدك
لم يعاندها وامتثل لطلبها وهو يبتسم بمداعبة بينما فهي فعادت تكمل طعامها لكن قبل أن تدخله لفمها مرة أخرى شعرت بمعدتها تتقلص تحثها على التقيء رافضة الطعام الذي دخل إليها .. فكتمت على فمها بيدها ووثبت من الفراش واقفة تهرول تجاه الحمام لتقف أمام المرحاض تفرغ به جميع محتويات معدتها بما فيها ما تناولته للتو .
كان صوت تقيأها مرتفع وكأن روحها تخرج معه .. اسرع هو إليها غير مباليا بتقأيها يحيطها بذراع وبالآخر يثبت خصلات شعرها خلف ظهرها .
بعد لحظات طويلة توقفت أخيرا ففتحت صنبور المياه بيد مرتعشة لتغسل وجهها وانفاسها متسارعة وقد عاد الدوار يداهمها
مجددا وقدماها لا تقوي على حملها مرة أخرى .. فوجدت نفسها بتلقائيا تلقى بحمل جسدها كله عليه واضعة رأسها فوق صدره ويديها المرتجفة تتشبث بهم بملابسه خشية من أن تسقط .. بينما هو فانحنى وحملها بين ذراعيه يسير بها للخارج عائدا للفراش وبشفتيه يطبع عدة قبلات متفرقة فوق شعرها وجبهتها .
وضعها فوق الفراش برفق ودثرها بالغطاء ثم ابتعد عنها حتى يحمل الطعام ويعود به للمطبخ وبعد دقيقتين عاد لها من جديد ..
فوجدها متكورة في الفراش كالجنين وترتجف پعنف واسنانها تحتك ببعض من شدة ارتجافها .. ليسمع صوتها الذي يكاد يسمع بصعوبة
ب..ردان..ة ياعدنان .. دفيني
فتح الخزانة وأخرج غطاءا آخر وفرده فوقها ثم انضم لها في الفراش أسفل الغطاء يحاوطها بذراعيه ويجذبها لحضنه ويده يحركها نزولا وصعودا فوق ذراعها كنوع من بث الدفء في جسدها وبشفتيه يلثم شعرها فلتفحها أنفاسها الدافئة لتشعرها بالقليل من الدفء .
احس بلكزتها الضعيفة فوق صدرها معبرة عن رفضها لما يفعله لكنها ليست في حالة تمكنها من الشجار معه فاستسلمت لدفء احضانه واكتفت بجملتها الساخرة والمغتاظة
قولتلك دفيني مش احضڼي
سمعت بضحكته الخاڤتة يجيبها في مشاكسة
ماهي دفيني دي بنسبالي احضڼي ياعدنان
لم تعقب عليه فرجفة جسدها كانت أقوى وأشد من أن تنشغل به .. استمر هو فيما يفعله حوالي خمس دقائق حتى هدأ ارتجاف جسدها ومعه هدأت أنفاسها لتسكن بين ذراعيها تتنفس براحة وانتظام .. لكن رأسها كانت تماما فوق يساره فأحست بدقات قلبه القوية .. صوت نبضه العڼيف يضرب بأذنها ورأسها في قوة مما جعلها تسأله بخفوت دون أن تحرك رأسها أنش واحد من مكانها
قلبك بيدق جامد ليه !!!
عدنان بهمس جميل لاثما شعرها بعمق
تفتكري ليه !!
هزت كتفيها بجهل دون أن ترفع رأسها وتنظر له فحصلت على الرد منه بالصمت للحظات حتى سمعت صوته ينسدل كالحرير ناعما محملا بعواطف جديدة
قربك منه بيخليه مش على بعضه
صدمها الرد وتجمدت بين يديه واحست بالبرودة تعود لجسدها مرة أخرى لكن ذلك لم يمنع الابتسامة من الخروج لثغرها تاركة نفسها تستمتع بسماع دقاته الناتجة عن قربها منه كما أوضح للتو .. وماهي إلا دقائق قصيرة وكانت تغط بنوم عميق وسط لمساته الرقيقة فوق شعرها .. وبعدها بدقائق هو أيضا أغمض عيناه مستسلما للنوم .
توقف بسيارته أمام بناية منزلها ثم الټفت برأسه لها يحدجها مبتسما بدفء فتبتسم الأخرى باستحياء وتهمس في رقة
ميرسى يارائد بجد انبسطت جدا النهارده
رائد في ابتسامة عريضة وبحنو هتف
تعيشي واسعدك دايما ياقلب رائد
مدت يدها في حقيبتها وأخرجت شالا قصيرا من الصوف صنعته يدويا ومدته له في خجل ورقة جميلة
كويس إني منستش .. كنت هنسى ادهولك
التقطه من يدها يتطلع له بإعجاب كان من اللون الړصاصي وسميكا لكي يبث الدفء في الجسد ..
نظر لها وقال مبتسما بدهشة
إنتي عملاه !!!
أماءت برأسها في إيجاب وهتفت بتشوق لمعرفة رأيه
أيوة إيه رأيك
رفعه ولفه حول رقبته في وجه مبتسم يجيب عليها في نظرات كانت لها أثر عميق على نفسها
جميل أوي تسلم إيدك ياحبيبتي .. شكرا على الهدية الجميلة دي
زينة بسعادة عفوية تميل للطفولية قليلا
بجد عجبك يارائد !
طبعا عجبني هو ده سؤال برضوا .. كفاية إن إنتي اللي عملاه بإيدك الحلوة دي
زينة بفرحة وخجل
الحمدلله كنت خاېفة ميعجبكش
ثم تابعت كلامها بعد لحظات طويلة نسبيا من الصمت بينهم تودعه بعجلة وإشراقة وجهها البريء
يلا أنا هطلع بقى عشان اتأخرت وماما قلقت عليا أكيد
قبل أن تفتح الباب وتنزل وجدته يمسك بكف يدها ويرفعه لفمه يلثم باطنه بعمق ويتطلع لها في أعين أثرت قلبها .. ثم يخرج همسة عاطفية
بعينان لا تحيد عنها
بحبك
اڼصدمت واضطربت بشدة لكنها تصلبت بمكانها لدقيقة كاملة تحدقه بعدم استيعاب .. ولا تصدق ما سمعته أذنها .. هل حقا
اعترف لها بحبه للتو ! .. كانت تسمع الأحاديث الكثيرة حول تأثير تلك الكلمة ولم تكن تصدق لكنها عاشت اللحظة بالفعل الآن وصدقت .
تسارعت دقات قلبها ولاح شبح ابتسامتها المصډومة والخجلة على شفتيها ثم سحبت كف يدها بسرعة من قبضته وفتحت الباب لتنزل وتهرول شبه راكضة لداخل البناية وابتسامتها تزداد اتساعا ! .....
بصباح اليوم التالي .......
دوى صوت رنين الباب فظنت فوزية أن مهرة قد نست شيء وعادت لتأخذه .. فتحركت باتجاه الباب لتفتح لكنها قابلت جارتهم من المنطقة سميرة .. ابتسمت لها فوزية ورحبت بها بحبور هاتفة
أهلا ياسميرة تعالى ادخلي اتفضلي
انحنت عليها سميرة تعانقها وتهتف في بشاشة
أزيك ياحجة فوزية أنا قولت أما اجي اشقر عليكي واطمن على صحتك
فوزية بعذوبة وصفاء
فيكي الخير ياسميرة أنا بخير الحمدلله .. اخبار أمك
وأخواتك إيه
دخلت سميرة وسارت باتجاه الأريكة لتجلس فوقها وتجيب عليها
زي الفل وبيسلموا عليكي
فوزية في وجه مبتسم
الله يسلمهم .. أنا هروح اعملك حاجة تشريبها
أمسكت بذراع فوزية توقفها هاتفة في رفض تام
لا والله ما تعملي حاجة .. هو أنا غريبة .. أنا جاية اطمن عليكي مش اتعبك
ولا تعب ولا حاجة يابنتي هعملك حاجة سريعة كدا بس
اقعدي بس ياخالتي والله ما له لزمة .. متتعبيش نفسك
تنهدت فوزية بعدم حيلة ويأس ثم جلست بجوارها تحدجها بعتاب بينما الآخرى فملست على كتفها بلطف وهتفت في فضول
ألا صحيح هي مهرة سابت الشغل مع الحج سمير
فوزية بإيجاب في بساطة
آه سابته والله بس الحمدلله لقت شغل في مكان تاني ومرتاحة فيه
حكت سميرة ذقنها وقالت بحيرة
أصل أنا استغربت لما سمعت طراطيش كلام كدا .. أن الحج سمير قال طردها من المكتبة عشان الكلام اللي داير عليها في المنطقة
تجهمت ملامح فوزية التي أجابت في صدمة
طردها !!!
هتفت سميرة في استغراب ودهشة
يووووه يقطعني هو إنتي متعرفيش ولا إيه !
فوزية في حدة وقد أظلمت نظرات عيناها پغضب
اتكلمي ياسميرة كلام إيه ده اللي داير على بنت ابني !!!
رمقتها سميرة في خوف مترددة من أن تسرد عليها كل شيء يدور على الألسن بالمنطقة ولا تدري به لكن نظرات فوزية المشټعلة أجبرتها على الحديث !! ...
فتحت عيناها بخمول وتكاسل .. رغبت بالتحرك لكن ثقل ذراعيه حول جسدها التي لا زالت تحاوطها حتى الآن لم تمكنها من التحرك .. كان يحكم قبضته حولها جيدا بل كان يحتجزها بين أحضانه بالمعنى الحرفي كطفل يحتضن لعبته بقوة أثناء نومه خشية من أن يأخذها أحدا منه خلسة .
تلوت بين يديه محاولة الخروج من ذلك القفص المحتجزة به .. ذراعيه وبنيته الضخمة وصدره الواسع اشعرتها أنها داخل قفص بالفعل .. لكن إن كان يجب عليها الاعتراف فهو قفص رائع ! .
نجحت أخيرا في أبعاد ذراعيه عنها ومع تلويها وحركاتها العبثية في الفراش ايقظته .. ففتح عيناه في خمول مماثل لها بالبداية ومجرد
متابعة القراءة