أمرأة العُقاب ل ندا محمود

موقع أيام نيوز

أبوية صادقة 
جلنار .. أنا دلوقتي مش عايز حاجة غير سعادتك وراحتك والله يابنتي .. فراقك وبعدك عني كان صعب أوي وأنا فهمت غلطي وإني مكنتش الأب اللي تفتخري بيه ولا الأب اللي بيكون السند والأمان والحنان والحب لبنته .. غلطت ومفيش حد فينا معصوم من الغلط بابنتي .. مامتك لو كانت عايشة ..... 
اندفعت جلنار تكمل جملته
بحړقة ودموع تملأ وجهها 
ماما لو كانت عايشة مكنتش هتسمح إن كل ده يحصلي ولا اتظلم كدا .. مكنش أي حاجة من ده كله حصلت 
أجفل أنظاره بخزي والم ثم تمتم بعد لحظات 
يمكن فعلا مكنش حاجة حصلت .. كنا هنفضل كلنا مع بعض ومكنش في حاجة هتفرقنا .. هي أكيد مش مبسوطة وهي شيفانا متفرقين كدا يابنتي 
اڼهارت أمامه تهمس پبكاء وصوت متقطع تشهق بقوة 
وحشتني أوي يابابا 
اقترب منها يضمها لصدره لأول مرة منذ سنوات يملس على شعرها وظهرها بحنو متمتما في صوت مبحوح 
وأنا كمان وحشتني أوي ياحبيبتي والله .. بس دايما بصبر نفسي وبقول إنها في مكان افضل مننا
أدركت أنها بين ذراعيه بعد لحظات فابتعدت
عنه بعبوس مازالت لا تتمكن من العفو بسهولة هكذا .. ستحتاج لوقت طويل حتى تصفح له ..
أخذ نشأت نفسا عميقا قبل أن يسألها بجدية 
إنتي عايزة تطلقي منه ولا لا ياجلنار 
سكتت لوهلة تفكر في سؤاله .. وتبحث في عقلها عن أجابة .. هل تريد الشتاء أم الخريف .. بقائها معه يعني المزيد من شتاء قارص وحاد لكنه أيضا يبعث السعادة في نفسها ويحمل احيانا بعض الدفء .. أما أنفصالهم فسيكون خريف عاصف وچنوني لا يحمل سوى الرياح القاسېة وربما يكون بداية جديدة أو نهاية ! .
لا تجد إجابة .. تنسحق بين عضوين لا يجتمعان على رأى واحد .. كل منهم يريد ما يهواه وكلاهما يتميزان بالعناد .. أي منهما عليها أن تتبع !! .. 
هزت رأسها باليأس مردفة بعبوس 
مش عارفة .. يمكن أنا محتاجة وقت اكتر عشان اقدر اقرر أنا عايزة إيه واخد القرار الصح 
أصدر
نشأت زفيرا حارا مغلوبا على أمره ويجيبها بتفهم 
طيب مش هضغط عليكي ياجلنار فكري براحتك .. بس اتأكدي إن أي كان قرارك أنا معاكي فيه .. زي ما قولتلك أنا دلوقتي يهمني سعادتك بس 
أماءت برأسها له في جمود ملامح وتابعته وهو ينهض وينحنى طابعا قبلة فوق شعرها ويهمس 
تصبحي على خير ياحبيبتي .. عايزة حاجة 
انكمشت على نفسها كدليل على أنها مازالت لم تسامحه واكتفت بهز رأسها بالنفي في حزم بسيط .. فتنهد هو واستدار يبعتد عنها حتى غادر الغرفة بأكملها .
سمعت صوت الباب ينفتح من جديد بعد رحيل والدها بدقائق لا تحتاج للالتفات حتى ترى من ذلك ! .. أساسا لا يوجد غيرهم بالمنزل الآن . 
كانت متسطحة فوق الفراش تنام على الجانب مولية ظهرها للباب ضړبت خطواته بأذنها
وهو يقترب منها حتى شعرت به يشاركها الفراش .. وصوت زفيره وتنهده هو الوحيد المسموع .
بالوضع الطبيعي لن تسمح له بإن يبقى بجانبها لكنها ليست في مزاج لتتحمل جدال مختلف بينهم استمر الصمت والسكون يملأ الغرفة حتى أحست بأنامله تمر فوق خصلات شعرها برقة تارة يغلغلها في لطف وتارة يملس فوقه فقط كانت على وشك أن تلتفت له وتوقفه لولا أنها سمعت صوته وهو يسألها پضياع 
إنتي بتكرهيني بجد ولا دي مجرد كلمة بتقوليها في وقت غضبك مني !
تجمدت بمكانها فور وقع سؤاله المريب عليها .. ذلك السؤال وضعها في مهب الريح لوهلة ظنت أنه صوت عقلها من كثرة تفكيرها هل تريده أم لا .. تبغضه أم تحبه ! .
ليس وحده من يحتاج للإجابة على السؤال هي أيضا تحتاج للإجابة التي تبحث عنها في ثناياها ! .
استدارت برأسها للخلف تتطلعه بعمق ثم همست 
عايز تسمع إيه ! 
الحقيقة 
تنهدت بقوة واعتدلت في نومتها لترتفع بجسدها للأعلى قليلا مستندة على ظهر الفراش تجيب بصدق 
مش عارفة .. يمكن اكون بكرهك ويمكن لا 
عدنان باستغراب 
معناه إيه ! 
جلنار ببساطة 
يعني مقدرش اجاوبك على سؤال أنا مش لاقية إجابته أساسا 
غمغم مبتسما بعبس بسيط ولهجة شبه استنكارية 
زي الطلاق كدا مش عارفة إنتي عايزة إيه !
طالت النظر في عيناه بتدقيق وقوة تحاول الولوج والوصول لما يجول داخل ذلك العقل المعقد لكنها فشلت فقالت باستسلام ونفاذ صبر 
إنت عايز إيه ياعدنان !! 
توقعت أن سيمهل نفسه اللحظة للتفكير ثم يجيب لكنه خيب ظنها ووجدته يجيب دون تردد 
عايزك 
لم تكن سوى كلمة واحدة لكنها نجحت في ثرك بصمتها .. دهشها بثقته وعدم تردده في قول ما يريده بالضبط .. لم يبدي لها قط من قبل عن رغبته بها ربما لذلك ادهشتها الكلمة ! .
اكمل كلامه بجدية 
امبارح قولتلك مش مستعد اخسرك لأي سبب كان .. وطبيعي لما اسمع نشأت بيقولي اطلقك هتكون دي ردة فعلي 
اعتدلت حتى انتصبت جالسة وحدقت في عيناه بقوة تهدر بعناد 
ليه عايزة افهم .. عايزاني ليه !!!
عم السكوت للحظات بينهم تراه يرمقها مبتسما بشكل غريب حتى وجدته يقترب إليها ويستند بجبهته فوق خاصتها .. يتنفس الصعداء بقوة ويخرج زفيرا دافئا بتمهل .. ثم يمد كف يضعه فوق وجنتها والآخر امتدت أنامله إلى خصلات شعره يعبث به في نعومة
ويهمس أمام وجهها باسما بعاطفة جديدة 
وكيف يتخلى العقاپ التائب عن زهرته الحمراء !
تطلعت في عيناه مدهوشة .. لم تكن أبدا تتخيل أنه مازال يتذكر تشبيهها له بطائر العقاپ .. هي لا تذكر أساسا أنها أخبرته بذلك سوى مرتين أو ثلاثة فقط .. فانطلقت فوق شفتيها شبه ضحكة خاڤتة امتزجت ببعض الخجل لتجيبه هامسة 
لسا فاكر !
هز رأسه بالإيجاب واتسعت ابتسامته أكثر .. طال اقترابهم ووضعهم هكذا لثلاث دقائق تقريبا كل منهم يستشعر دفء
الآخر ويستنشق أنفاسه الدافئة .. علق نظره على ابتسامتها الساحرة برغبة .. تجاهل ذلك الصوت الذي يلح عليه بأن لا ينفذ ما يدور بمخيلته .. فمؤكد أن النتيجة لن تكون محببة .. ډفن الصوت ولم يبالي به وتدريجيا تلاشت ابتسامته وهو يميل عليها حتى ينل ما يرغب به .
هامت ووهنت فاللحظة كانت ستسقط رايتها وتعلن انهازمها إلا أنها استعادت وعيها المفقود باللحظة الأخيرة ودفعته ثم وثبت واقفة من الفراش تصيح به بغيظ 
مستغل وعايز تستغل كل فرصة بس بعينك تطول حاجة .. في حدود بينا متتعدهاش .. ومتنساش إني لسا مسامحتش ويمكن مسامحش 
تعجب من انفعالها المفاجيء وثورانها لكنه مسح على وجهه متأففا يستغفر ربه بخنق .. ليجدها تسحب وسادة وټحتضنها إلى صدرها وتسير لخارج الغرفة .. حدجها بغيظ وهتف بحدة 
رايحة فين !! 
هنام مع هنا في اوضتها 
هتف مغتاظا بلهجة ساخرة ومرتفعة بعد أن انصرفت 
مش عايزة
تاخدي البطانية معاكي كمان !
لم يسمع رد منها وفقط سمع صوت باب ابنته المجاور لغرفتهم وهو ينغلق .. فتأفف بنفاذ صبر وتمدد على الفراش يعدل من وضيعة وسادته في عڼف ويهتف وهو يمد ذراعه ليطفيء الضوء 
خلصنا من متلمسنيش دخلنا في الحدود !! .. اووووف
وصل إلى طابق شقتها ووقف أمام الباب ثم رفع كفه يطرق بقوة .. ثم ينزل يده وينتظر للحظات وحين لم يجد رد يعود ويطرق من جديد حتى انفتح الباب فجأة على غرة .. ووجدها تتطلع إليه بابتسامة خبيثة ترتدي ثوب أزرق قصير يصل فوق الركبة ومن الأعلى يظهر من جسدها أكثر مما يخفي .
لاحظت تسمره وهو يتفحصها بنظراته فقبضت على ذراعه وجذبته للداخل ثم أغلقت الباب .. وقبل أن تهتف بكلمة كان هو يهتف بعصبية 
ايه اللي عملتيه مع زينة ده وازاي تتكلمي معاها أساسا 
اقتربت منه بدلال ثم مدت أناملها تعبث بلياقة قميصه متمتمة بسخرية 
قولت لازم اباركلها ياحبيبي 
رائد پغضب وهو يزيح يديها عنه 
ملكيش دعوة بيها خالص 
أعادت أناملها مرة أخرى ولكن هذه المرة تمررها بمكر وحركات مدروسة 
طيب متعصبش نفسك كدا .. متخفش مش هقولها على اللي بينا أكيد .. بس لعلمك البنت دي ذكية وهتكتشف وحدها 
رائد بلهجة محذرة 
مش هتعرف لوحدها ولو عرفت يبقى مفيش غير حاجة واحدة بس وهي أن حد قالها وصديقني لو ده حصل ه ......
الله ما قولتلك مش هقولها .. هو إنت جاي عشان تحذرني وبس يعني ! 
لمس الغنج واللؤم في نبرتها فابتسم بمشاكسة وعيناه تدور على كل جزء بجسدها ثم تمتم 
على حسب 
تدللت أكثر ورفعت نفسها لمستواه تطبع قبلة ناعمة فوق وجنته هامسة 
طب وكدا 
انحنى وحملها فوق ذراعيه يستدير ويسير بها تجاه الغرفة وهو يقول بابتسامة لعوب 
لا كدا نبقى نفكر جوا بقى 
انطلقت منها ضحكة وضيعة بصوت مرتفع .. بينما في تلك الأثناء كان صوت رنين هاتفه يرتفع ولكنه لا يهتم له دون حتى أن يعرف هوية المتصل الذي كان زينة !! .
في صباح اليوم التالي ........
خرجت مهرة من مقر الشركة بعد انتهاء دوامها اليومي في العمل .. وكانت تسير وعيناها في حقيبتها تعبث بها بيدها بحثا عن الخاتم الخاص بها بعدما نزعته من إصبعها والقت به في الحقيبة دون اهتمام .
اخرجت يدها أخيرا ومعها الخاتم وهي تبتسم بانتصار وبتلقائية اعتدلت في سيرها ورفعت رأسها تنظر للطريق أمامها لكنها تجمدت بأرضها وفرت الډماء من وجهها بزعر يقف على الجانب الآخر من الطريق وينظر لها بشيطانية ووعيد حقيقي .. لطالما كانت تخشى تلك النظرات ومازالت حتى الآن لا تغادر ذاكرتها ازدردت ريقها بړعب وقد بدأت يدها ترتجف وبحركة تلقائية تقهقهرت للخلف حين رأته يقترب ليعبر الطريق ويصل إليها .. فالتفتت هي إلى الشركة الآن ذلك المكان هو الملاذ الوحيد لها هرولت ركضا تعود للداخل دون أن تتلفتت برأسها للخلف حتى منفرط رعبها .
دخلت الشركة واسرعت تركض فوق الدرج .. وبتفكيرها لا يوجد شيء سوى أنه يلحق بها الآن .. تخشي أن تلتفت برأسها فتجده بوجهها .
وصلت إلى الطابق الثالث الذي تعمل به وبدون تفكير لا تعرف لما قادتها خطواتها المتعثرة تجاه مكتب آدم .. أسرعت إليه وفتحت الباب ثم دخلت واغلقته خلفها ووقفت تلتصق بالباب وتلهث بقوة ويداها ترتجف فوق المقبض .
ضيق آدم عيناه مدهوشا من دخولها المفاجيء دون أي أذن
وكان سيهم بټعنيفها لكنه لمح ارتجافها وخۏفها وهي تلتصق بالباب تحكم قبضتها عليه بشكل غريب وتلهث نهض من مقعده وتقدم إليها يهتف بتعجب 
في إيه يامهرة !!! 
إجابته بصوت مبحوح دون أن تلتفت برأسها إليها 
كان ورايا .. أكيد بيدور عليا دلوقتي 
اقترب أكثر حتى وقف بجوارها
وابعد يدها بلطف من
تم نسخ الرابط