أمرأة العُقاب ل ندا محمود
المحتويات
والهدوء .
اندفع نحوها يقطع المسافات التي بينهم يهمس أمام وجهها بنظرة محذرة
وطي صوتك ومتزعقيش
ضحكت ساخرة وهدرت بعدم خوف
جد والله !! .. لك رعبتني يا حاتم .. اتطلع شوف ايدي كيف عم ترجف من الخۏف
رفعت كفها أمام وجهها تريه ارتجافه المزيف عمدا منها .. فجعلته يشتعل أكثر من الاستياء وحدجها بنظرات ممېتة يهتف في تحذير
التهبت وتحولت إلى حمراء من فرط الغيظ لتصيح به في غيرة واضحة
لسا عم تضلك تحبها لحد هلأ مو هيك !!!
ارتخت عضلات وجهه المتشنجة وغضن حاجبيه بعدم فهم يجيب
هي مين دي !
جلنار يا حاتم
لم تحصل على إجابة منه فقط تراه يستمر في التحديق بها باستغراب لا يفهم كيف وصل الأمر لجلنار وحبه لها .. فانفعلت عليه وعادت تصيح
بنبرة خشنة وقوية أجاب
كنت بحبها .. دلوقتي جلنار بنسبالي صديقة مش اكتر
خمدت ثورتها بلحظة وتراقص قلبها فرحا وكانت ستنطلق ابتسامة على شفتيها لولا أنها منعتها وردت عليها بحزم مزيف تسأل في فضول
شفتك ماسك صورة بإيدك فوق .. لمين هاي الصورة
انحنى بوجهه عليه يهمس في ابتسامة غامزا
نظراته وهمسه الماكر اخجلها بشدة فلم تتمكن من الرد عليه حتى .. فقط شعرت بالحرارة ترتفع من أسفل قدميها حتى أعلى رأسها .. وكانت ستفقد وعيها عندما وجدته يقترب أكثر بتريث حتى يوهمها بأنه سيقبلها وعند وصوله للحظة الحاسمة انحرف بشفتيه نحو وجنتها يضع القبلة فوقها يهمس في عاطفة جياشة
توقف عقلها عن العمل تسمعه يتحدث لكنها لا تتمكن من فهم من يقوله .. الشعور المهين عليها اقوى من أي شيء يجعلها لا تشعر بقدميها بل جسدها كله .. وبمجرد
ابتعاده عنها وهو يبتسم استندت بكفيها مسرعة على رخامة المطبخ خلفها حتى لا تسقط وعلقت نظرها عليه تراه يغادر المطبخ وقبل أن ينصرف تماما هتف بثغر مبتسم في ساحرية
اكتفت بابتسامتها البلهاء له تحاول جمع نفسها الذي بعثرها ذلك المنحرف والماكر وفور رحيله دفنت وجهها بين ثنايا كفيها تضحك وتزفر بتوتر شديد ! ...
تنزل الدرج بهدوء عاړية القدمين وترتدي منامتها الليلية القصيرة .. وعند وصلها لبداية الدرجة من الأعلى رأته يجلس على الأريكة كعادته يرجع برأسه للخلف على ظهر الأريكة ويتطلع في السقف مهموما .. أمعنت النظر به لدقيقتين تخوض حربا مع قلبها وعقلها .. العقل يرفض الاستسلام ويستمر في عرض كل أفعاله معها حتى يزيد من جفائها .. بينما قلبها يتوسل أن توقف عقابها له مؤقتا وتذهب إليه .
مالك
عدل وضعية رأسه ونظر لها مبتسما على اهتمامها بأمره ثم غمغم
مفيش حاجة .. مرهق شوية من الشغل
مصمصت شفتيها بتردد قبل أن تهتف بحيرة
يعني مفيش حاجة مضايقاك
اتسعت ابتسامته أكثر ليجيب عليها بنظرة دافئة
لا مفيش .. بتسألي ليه !
جلنار بخفوت
اصل تقريبا كل يوم بشوفك قاعد كدا يأما هنا أو في الجنينة برا
أخذت نفسا عميقا قبل أن تستكمل بخنق ملحوظ
يعني اقصد من وقت ما عرفت حقيقة فريدة
فهم ما تلمح له فتلاشت ابتسامته ومد كفه الكبير يضعه فوق كفها يحتضنه برفق
وحنو ثم يهمس بمرارة
مش زعلان عليها
ياجلنار .. الحاجة الوحيدة اللي بتقتلني من جوا إنها استغفلتني كل السنين ده وأنا مكنتش حاسس بيها .. اخدت مني حجات كتير مكنتش تستحقها .. والنتيجة في النهاية اكتشف إنها پتخوني
سحبت يدها من قبضته بهدوء تام واشاحت وجهها للجهة الأخرى تجيب في أسى
الثقة حاجة مش بإيدنا وعمرها ما كانت ذنب .. الحياة أخذ وعطاء واللي زي فريدة موجودين عشان ياخدوا بس .. أما اللي زي بيعطوا وعمرهم ما خدوا حاجة
جعلته يلعن نفسه الف مرة في اللحظة .. قلبه ېتمزق أربا ما بين ألم الخېانة وبين ندمه وبغضه لنفسه اللعېنة على ما اقترفته في حق زهرته الجميلة .. اقترب منها واحتضن وجهها بين كفيه يرفع شفتيه لجبهتها يلثمها بحب وبعد لحظات طويلة يبتعد ويستند بجبهته على خاصتها يهمس أمام وجهها لأول مرة بعاطفة
تشعر أنها حقيقية
من هنا ورايح مش هتدي تاني هتاخدي وبس .. وهفضل اعتذرلك واقولك سامحيني على كل حاجة .. فوقت متأخر ياجلنار .. ومش فارق معايا حاجة دلوقتي غيرك إنتي وبنتي مش مستعد اخسركم لأي سبب كان .. صدقيني بحمد ربنا إنه كشفلي حقيقتها وفوقني من اللي أنا فيه قبل ما اخسرك .. أنا آسف .. آسف .. آسف
منذ أن اقترب منها وطبع قبلته فوق جبهتها أغمضت عيناها ولم تفتحها .. تستمع لكلماته دون أن تراه وتشعر بأنفاسها الحارة تلفح صفحة وجهها .. لكنها فتحت عيناها مجبورة عندما سمعت كلمة آسف تخرج منه ببحة غريبة .. ورأت ما لم تتوقعه عندما تطلعت له .. عيناه تتلألأ فيها الدموع وينظر لها كطفل صغير طالبا العفو .. تعرف أن ما ستفعله الآن ستندم عليه بالصباح لأنها ضعفت أمامه حتى لو لمجرد دقائق .. لم تضعفها كلماته بقدر رؤية دموعه في عيناه لأول مرة .
خرت منهزمة أمام قلبها واڼهارت حصونها فمدت أناملها إلى وجهه تملس على لحيته الكثيفة برقة وعيناها الدافئة تتلاقي بعينيه الحانية .. وباللحظة التالية كانت تلف ذراعيها حول رقبته وتعانقه بقوة .. لتشعر به يلف ذراعيه حولها ويقربها منه أكثر ډافنا وجهه بين ثنايا رقبتها وشعرها يثلمها بعدة قبلات محبة ودافئة ويهمس وسط قبلاته يعلن بداية عهد جديد
اوعدك إنك هتشوفي عدنان مختلف من الليلة دي
لا تنكر أنها كانت بحاجة لذلك العناق .. وتعترف أنها اشتاقت له بشدة رغم جميع محاولاتها الكاذبة في إظهار نفورها من لمسته واقترابه منها إلا أن ذلك العناق الحميمي أطفأ القليل من شوقها .. ويؤسفها أيضا الاعتراف بأنها حين تستيقظ في اليوم التالي ستعود لما كانت عليه فلن تمنحه ما يريد بسهولة .. لا مزيد من العطاء فقد حان دوره هو ليريها كيف سيعيطها كما قال .
في صباح اليوم التالي ......
يجلس آدم وأسمهان حول مائدة الطعام يتناولون وجبتهم الصباحية .. كان هو يأكل بعجلة حتى لا يتأخر وعيناه تنظر كل لحظة والأخرى على أمه التي تعبث في صحنها دون أن تأكل والڠضب يعتلى ملامح وجهها .. فتوقف عن الأكل وهتف
مالك ياماما
نظرت
له أسمهان بعينان مليئة بالحقد والغل وهدرت ساخرة
بقى على آخر الزمن هعتذر أنا من بنت نشأت !!
ابتسم آدم وقال بتعجب
هو عدنان طلب منك تعتذريلها ولا إيه !
أسمهان باستياء
ده عمره ما عملها وطلب مني قبل كدا اعتذر من فريدة في حاجة .. دلوقتي بيهددني ويقولي لو أنا فارق معاكي هتعتذري منها .. اعتذر من دي !!!
ضحك آدم بصمت وقال بتأييد لأخيه
الصراحة حتى أنا اندهشت .. بس مش من فكرة إنك تعتذري لا أن عدنان هو اللي طلب .. وأنا معاه بعد اللي عملتيه أقل حاجة تعمليها تعتذري من جلنار ياماما
صړخت أسمهان بعصبية
هو إنت هتعملي زيه كمان !!!!
آدم ببرود أعصاب
إنتي غلطتي ولازم تعترفي بكدا يا ماما .. في وسط الحالة اللي فيها ابنك وانتي عايز تخليه يشك إن حتى مراته التانية بټخونه .. كرهك لجلنار مخليكي مش شايفة حاجة قدامك حتى ابنك
ضړبت بقبضة يدها فوق سطح الطاولة وتهدر مشټعلة
وكمان برن عليه من الصبح مش بيرد عليا
غرس آدم الشوكة في قطعة الخيار وهو يبتسم ويرفعها لفمه ثم بخرج الشوكة ويضعها بجوار صحنه ليهب واقفا ويقول بخبث قاصدا كل حرف يتفوه به
طبيعي ميردش عليكي أنا كلمته ورد عليا عادي .. وطالما قالك تعتذري منها يبقى كان جاد في كلامه وخصوصا إنه عمره ما طلب منك حاجة زي كدا .. فأنا برأى تروحي وتعتذري من جلنار يا ست الكل بدل ما تخسري عدنان بجد
ارتبكت وتوترت من كلماته وبالأخص الأخيرة .. هل حقا قد تخسر ابنها بسبب اعتذار على
خطأ اقترفته .. مستحيل أن تسمح لابنة الرازي بأن تنجح في هذا أيضا .
عقلها مشغول بالتفكير منذ الصباح في تصرفها بالأمس لم يكن عليها أن تضعف له .. لكنها انصاعت خلف صوت قلبها كالمتغيبة .. بالتأكيد سيظن أن بعد ما فعلته أنها سامحته ولكن هيهات فما حدث لم يكن سوى لحظة ضعف منها وقد عادت مرة أخرى لسابقها .
تجلس على الأريكة الهزازة بحديقة المنزل تمسك بكتاب تحاول القراءة ولكن عقلها لا يسمح لها !! .. وأمامها تلعب صغيرتها على العشب الأخضر تضع طاولة صغيرة ومقعد بلاستيك أمام الطاولة تجلس عليه وفوق الطاولة تضع العاب المطبخ البلاستيكية خاصتها وعلى الجانب الآخر دميتها المفضلة .. تلعب باندماج وسعادة لكن جلنار التفتت برأسها لليسار عندما رأت ابنتها تثب واقفة من مقعدها وتركض في ذلك الاتجاه صائحة
جدو
تطلعت جلنار لأبيها في جمود دون أن تلقى التحية
عليه حتى وتابعته وهو يتحدث مع هنا بحنو يهتف
عاملة إيه يا أميرة جدو
هنا بابتسامة تسرق القلب
كويسة ياجدو
نشأت بغمزة مشاكسة وحب
جبتلك معايا لعبة حلوة أوي
انتبهت ليده التي يخفيها عن انظارها خلف ظهره فوثبت فرحا وهتفت بحماس طفولي
الله لعبة
أخرج يده من خلف ظهره لتظهر اللعبة عبارة عن دمية ضخمة وجميلة من إحدى أميرات أفلام الكرتون المشهورة موضوعة داخل علبة كبيرة بالكاد تكفي حجمها .. جذبتها هنا من يد جدها وهي تصيح بدهشة وسعادة وسرعان ما ارتمت على جدها تعانقه بقوة وهو يضحك بحب ثم ابتعدت وهرولت ركضا تجاه أمها ترفع الدمية أمامها وتهتف
بصي يامامي جدو جابلي إيه
ابتسمت لها جلنار بحنان ومدت يدها تملس على شعرها وتتمتم بخفوت جميل
جميلة ياحبيبتي .. قولي لجدو شكرا
هنا بعفوية وحب طفولي صادق
شكرا ياجدو .. إنت حبيبي
ارتفعت ضحكته على مشاكسة حفيدته واقترب نحوها ينحنى على رأسها يطبع قبلة فوق شعرها .. ثم ابتعدت الصغيرة عنهم وانشغلت بإخراج دميتها الجديدة بينما نشأت فتوجه وجلس بجوار ابنته يهتف بأمل
عاملة إيه ياجلنار
جلنار بجفاء دون أن تنظر له
كويسة
نشأت بنظرات راجية
مش كفاية
بقى يابنتي .. إنتي عمرك ما كنتي قاسېة كدا
متابعة القراءة