رواية مزرعة الدموع بقلم مني سلامه
كانت تشعر الفرحة .. والراحة .. والسکينة .. في هذا المكان .. لكن الآن .. ضاقت الأرض بها .. لم تعد تحتمل البقاء هنا .. لم تعد تشعر بالراحة .. أو السکينة .. بل تشعر بالخېانة .. والغدر .. والألم .. تشعر بأن قلبها قد تمزق أشلاءا من شدة الألم .. تشعر بأن عقلها قد شل من كثرة الصدمات التى تعرضت لها .. لماذا يحدث لها ذلك .. لماذا لا تتم لها فرحة .. وكأن الحياة تستكثر عليها فرحتها .. بكت ألمها .. بكت حبها .. الذى فقدته قبل أن تحصل عليه .. تعبت عينيها من كثرة البكاء .. تعب قلبها من كثرة الألم .. ناجت ربها .. الى متى يا رب .. الى متى .. لم أعد أستطيع التحمل .. تعبت .. متى سأرتاح .. صبرت الى أن تعب الصبر من صبري .. لا أعترض على قضاءك .. لكنى تعبت .. أشعر بأن نفسي ممزقه لأشلاء .. أشعر بطعنات الألم منغرسه فى كل جوارحى .. لن أتحمل العيش معه .. لن أقبل العيش مع رجل زانى .. هو كمصطفى .. لا فرق بينهما .. كلاهما زانى .. كلاهما ارتكب أكبر الفواحش .. كلاهما ينتهك حرماتك .. كلاهما لا يبالى بغضبك .. كلاهما يعصيك .. ويتباهى بعصيانك .. لن أعيش معه .. حبه فى قلبي انقلب الى كره واحتقار .. لن أقبل العيش مع زانى .. حتى لو كنت أحبه .. لأن من خانك يوما .. سيخوننى ألف يوم .. شعرت بالقشعريرة تسرى فى جسدها عندما تذكرت أنها كانت
رن هاتفها .. كانت سماح وصلت الى بيت المزرعة ولم تجدها .. وصفت لها ياسمين مكانها عند الشجرة .. أتت سماح لتجد صديقتها فى أسوأ حال .. قالت بهلع
ياسمين .. مالك .. بتعيطى ليه
حبيبتى قوليلى مالك .. ايه اللى حصل .. مصطفى كلمك
رفعت ياسمين رأسها ونظرت الى سماح قائله
قالت سماح بلهفه
أمال ايه اللى حصل بټعيطي ليه
قالت ياسمين من بين شهقاتها
عمر ژنى بواحدة متجوزة
هتفت سماح فى عدم تصديق
ايه .. بتقولى ايه
قالت ياسمين بصوت مرتجف
أنا متأكده .. اتأكدت بنفسي .. اتكلمت مع الشاهد الى شافه واتعرف عليه واللى عمر دفعله رشوة عشان ميتكلمش .. وشوفت الدليل بعيني .. مش دليل واحد دول اتنين .. عمر ژنى بواحدة متجوزة
أنا مكنتش أتوقع كده منه أبدا .. أيوة عارفه ان فى حياته تجاوزات كتير .. وكان فيه حاجات غلط كتير جدا بينه وبين خطيبته .. بس متصورتش انه ممكن يعمل حاجه زى كده
قالت ياسمين بمرارة
قولتلك قبل كده .. اللى يعمل الغلطة الصغيرة بدون ذرة ندم .. يعمل الغلطة الكبيرة
هتعملى ايه دلوقتى
قالت ياسمين بإحتقار وهى تمسح دموعها بأصابعها
هرجعله شبكته .. أنا مش ممكن أتجوز راجل زانى
دمعت عيناها مرة أخرى وهى تقول پألم
ده أسوأ من مصطفى يا سماح .. الست كانت متجوزة .. وهو عارف انها متجوزة
جهشت فى البكاء مرة أخرى .. حاولت سماح تهدئتها
.. مضى الوقت .. حتى هدأت واستعادت رباطة جأشها .. ثم همت بالانصراف .. قالت لها سماح
على فين
ردت ياسمين بحزم
راحة أخلص منه وأمسحه تماما من حياتى
مشت بسرعة فى طريقها الى بيت المزرعة .. اتصلت ب عمر الذى رد عليها قائلا
بصوت حانى
حبيبتى .. كأنك حسه بيا .. كان نفسي أسمع صوتك
قالت بحزم
ضحك عمر قائلا
ايه هنبتدى من أولها .. مش بدرى شويه على السؤال ده .. عامة أنا فى مكتبى اللى فى البيت .. حبيبتى فين بأه
ردت بحدة
أنا جيالك
ثم أغلقت .. شعر عمر بالقلق .. نهض من مكانه ليستقبلها على الباب .. نظر الى وجهها و عيونها الباكية .. ثم قال بلهفه
حبيبتى انتى كنتى بتعيطى
وقفت ياسمين تنظر الى عينيه وهى تقول فى نفسها .. ازاى قدرت تخدعنى .. ازاى مكنتش شايفه السواد اللى جواك .. بالظبط زى ما مصطفى خدعنى .. ومكنتش قادرة أشوف السواد اللى جواه .. بكرهكوا انتوا الاتنين .. انتوا الاتنين زى بعض .. كرر عمر سؤاله بإهتمام
حبيبتى .. مالك .. ايه اللى مضايقك
نظرت اليه پحده قائله بصوت هادر
أنا آسفة غيرت رأيى .. مش هقدر أتجوزك
نظر اليها بدهشة قائلا
بتقولى ايه
ياسمين بقسۏة
مش عايزاك
صمت عمر وهو يحاول استيعاب ما تقول .. ثم قال
بتقولى ايه
ياسمين بنفس القسۏة
بقولك مش عايزاك .. مش عايزاك
عمر پحده
ليه هو كان لعب عيال .. كتب كتابنا النهاردة
قالت ياسمين ببرود
مفيش كتب كتاب .. ومفيش جواز
شعر عمر بالڠضب يزداد بداخله .. فما كان منه إلا أن مسك كلتا ذراعيها وقربها منه بشدة ونظر اليها قائلا پغضب
انتى بتلعبى بيا يا ياسمين .. يعني ايه مش عايزاك
حاولت أن تفلت نفسها منه لكنه كان يطبق على ذراعيها بشدة .. حاولت أن تبتعد عنه فلم تستطع .. هتف پحده
انطقى يعني ايه اللى انتى بتقوليه ده
عشان أنا وانت مننفعش لبعض .. انت واحد كل حياتك حرام .. كل تصرفاتك حرام .. قربك منى بالشكل ده حرام .. مسكك ليا بالطريقة دى حرام .. لمسك ليا كده حرام .. بس انت واحد ما بيفرقش معاك الحړام
ثم أغمضت عينيها وأخفضت رأسها فى ألم وهى مازالت تبكى .. نظر عمر اليها .. يحاول فهم ما تقول .. يحاول استيعاب ما يحدث .. أبعدها عنه قليلا .. وترك ذراعيها .. فابتعدت عنه ورجعت للخلف بسرعة .. أخذت تمسح بكفيها على ذراعيها وكأنها لا تطيق لمسته .. شعرت اتجاهه بالاحتقار .. شعرت بالقشعريرة من مجرد لمسه اياه .. ولقربها منه.. لكم تتمنى أن تبتعد عنه .. أكبر مسافة ممكنه .. لا تريد أن تراه
.. أو تقترب منه بعد اليوم .. تريد أن بتتعد عنه بأقصى سرعة .. بقدر ما أحبته .. بقدر ما سقط من نظرها الآن .. هم عمر بالتحدث معها مرة أخرى .. وفجأة قاطعه دخول والده قائلا
الحق يا عمر .. عم عبد الحميد وقع فجأة وحاولت أفوقه مش راضى يفوق ..
صړخت ياسمين
بابا
هرع عمر ووالده و ياسمين الى الخارج حيث عبد الحميد ملفى على الأرض .. أخذت ياسمين تحاول تحسس نبضه وهى تبكى
بابا .. بابا مالك .. بابا رد عليا
حمل عمر ووالده .. عبد الحميد الى السيارة وركبت معهم ياسمين وانطلقوا الى المستشفى .. كانت ياسمين مڼهارة على الكرسى بجوار الغرفة والأطباء يفحصونه فى الداخل .. وقف عمر أمامها بأسى
لا يدرى ماذا حدث لها وكيف انقلبت عليه فى لحظات .. كان يريد أن يخفف عنها ولكنه يعلم بأنها بالتأكيد سترفض ذلك .. خرج الطبيب .. وأنبأهم بأن حالته الصحيه حرجه .. بسبب ارتفاع ضغط الډم لديه .. بالإضافه الى مشاكل فى عضلة القلب .. اڼهارت ياسمين مرة أخرى باكيه وظلت تردد اللهم اجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيرا منها .. منع الطبيب الزيارة الى أن تستقر حالته الصحية .. بعد قرابة الساعة أتت ريهام الى المستشفى بصحبة كرم و أيمن و سماح و كريمه .. تعانقت الأختان واختلطت دموعهما .. انتظروا حتى المساء ومازال الطبيب يمنع الزيارة .. عاد الجميع الى منازلهم فيما عدا ياسمين و ريهام .. وبالطبع عمر و كرم ..
كانت الفتاتان فى حالة اڼهيار تام .. حاولت ياسمين التماسك من أجل أختها .. لكن خۏفها على أبيها ملأ قلبها .. ظل عمر يراقبها والألم يعتصر قلبه .. اقتبر منها وجلس بجوارها قائلا بحنان
ياسمين هدى نفسك شوية .. ان شاء الله هيبقى كويس
نظرت اليه ياسمين بنظرة حادة .. ثم قامت ووقفت بجوار باب غرفة والدها وأسندت رأسها عليه وأغمضت عينيها لتسقط منها عبرة حزينه مكلومه
فى اليوم التالى .. سمح الطبيب بزيارة خفيفة نظرا لخطۏرة حالته الصحية وعدم استقرارها .. دخلت الفتاتان .. حاولت ياسمين تمالك نفسها قدر
الإمكان حتى تبث الطمأنينه فى نفس والدها وقفت بجوار سريره مبتسمه بصعوبه ومسحت على رأسه قائلا
بابا حبيبى عامل ايه دلوقتى
قال بصوت أجش
الحمد لله .. نعمه وفضل من ربنا
سقطت عبره من عين ريهام
فنظرت اليها ياسمين نظره محذره .. قالت ريهام وهى تقف على الجانب الآخر من الفراش
حمدالله على سلامتك يا بابا
قالت ياسمين وهى تحاول رسم ابتسامه على شفتيها
الدكتور طمنا عليك وقالى يومين وهتبقى كويس أوى وهتخرج من هنا على طول
أغمض عبد الحميد عينيه للحظة ثم قال بصوت خاڤت
انا حاسس ان خلاص نهايتي قربت
بكت ياسمين قائله
بابا متقولش كده .. ان شاء الله هتبقى كويس .. أنا و ريهام محتاجينك .. بابا أنا محتجاك أوى
نظر اليها قائلا
أنا عايز أطمن عليكوا يا بنتى قبل ما أموت .. ياريت كان حصلى اللى حصل ده بعد كتب كتابك انتى وأختك .. لكن ربنا أكيد له حكمة ان ده يحصل قبل كتب الكتاب .. الحمد لله على كل حال .. انت يارب عارف اللى فيه الصالح
نظرت اليه ريهام بأعين دامعة وقالت
ان شاء الله يا بابا هتقوملنا بالسلامة .. هو بس شوية تعب وهتبقى كويس
أمسك عبد الحميد كف ياسمين بيد .. و كف ريهام فى يده الأخرى وقال
لو فعلا عايزين تريحوا قلب أبوكوا .. نادولى عمر و كرم ووافقوا على اللى أنا هقوله ليهم ..
نظرت ياسمين و ريهام الى بعضهما البعض .. قالت ياسمين
نوافق على ايه يا بابا
قال عبدالحميد وهو مازال ممسكا بكفهما ويجاهد ليخرج صوته المتعب
بتحبونى وعايزين تريحوا قلبي ولا لأ
أكيد يا بابا
طبعا يا بابا
نظر الى ريهام قائلا
روحى نادى ل عمر و كرم
أنا خلاص .. حاسس ان دى نهايتي .. وكل أملى فى الدنيا دى انى أطمن على بناتى قبل ما أموت .. وأسيب كل واحدة فيهم فى عصمة راجل يحميها ويكون جمبها طول العمر
بكت الفتاتان فى صمت .. قال كرم
ربنا يديك الصحة يا عم عبد الحميد وتعيش وتجوز بناتك
نظر الى كرم قائلا
انت
شارى بنتى ريهام يا بشمهندس كرم
نظر كرم الى ريهام ثم قال فى دهشة
طبعا يا عم عبد الحميد انت عندك شك فى كدة
ثم نظر عبد الحميد اللى عمر قائلا
وانت يا بشمهندس عمر شارى بنتى ياسمين
الټفت عمر الى ياسمين الواقفة بجواره .. صمت .. طال صمته .. ثم قال بصوت خاڤت
أيوة شاريها
قال عبد الحميد وهو ينظر الى الأعين المتعلقة به
يبقى تجيبوا المأذون وتكتبوا الكتاب دلوقتى حالا
نظرت اليه ياسمين بدهشة قائله
بابا