رواية مذاق العشق المر بقلم سارة المصري

موقع أيام نيوز

 


حاجة ..اختي وأمي وحبيبتي و... 
قاطعه يوسف مازحا 
ايه يا حاج علي ...أنا كدة هغير 
وأردف في جدية 
ايلينا بقت حته مني يا علي ...بقت بالنسبالي كل حاجة ...اطمن 
تنهد الصغير وهو يضع كتابه على الطاولة 
ربنا يسعدكو 
............................................................ 

وقفت ايتن فى تردد امام باب منزله.... 
تمد يدها الى جرس الباب ...ثم تعود فى منتصف الطريق ... 
تعبث فى خصلات شعرها الاسود ... 
تقضم اظافرها وهى تحاول ان تتخذ تلك الخطوة التى عزمت عليها واصبحت اكثر صعوبة حين دخلت حيز التنفيذ لم تتخيل للحظة ان حسام بامكانه التخلى عن كل شىء عن عمله ومكانته وعنها ايضا ... 
غرورها الذى صنعته من الأصل مشاعره الجياشة نحوها صور لها انه قد يتنازل عن اى شىء من اجلها وانه بسهولة سيصفح عنها ويتناسى كل ما حدث انقطعت حيرتها وحسام يفتح الباب فجأة ... 
انتفضت للخلف فى فزع بينما حافظ الثاني على توازنه رغم المفاجاة التى واجهته بدوره ...ربما صډمته الكبرى فيها افقدته اى شعور بالصدمة بعدها .. 
استند بكفه على الباب وهو يأخذ نفسا عميقا ليقول فى حدة 
خير يا ايتن اللى جابك هنا 
ازدردت ريقها تجيبه فى تلعثم 
هنتكلم على الباب 
نظر خلفه لحظات وعاد ينظر لها قائلا في حدة 
انا عايش لوحدى 
تنحنحت فى حرج لتجلي صوتها ...لم تعتده حادا هكذا من قبل 
حسام انا عاوزة اتكلم معاك لو سمحت 
عض على شفته السفلى وتنحى جانبا لتدخل وهو يقول باقتضاب 
اتفضلى 
راقبها وهى تدخل لتجلس على اول مقعد صادفها فى الصالون ... 
نظر الى الباب ليتركه مفتوحا ويقف الى جوار مقعد مقابل وهو يعقد ساعديه ويتأملها قائلا 
ايتن قولى اللى عندك بسرعة لو سمحتى عشان ميصحش تفضلى موجودة هنا كتير 
شابكت اصابعها ببعضها البعض وهى تنظر ارضا وتتساءل اين ذهبت خطبتها العصماء التى جهزتها مسبقا 
اين تاهت كلمات الاعتذار 
ربما لانها لم تجد حسام بالاڼهيار الذى توقعته ...انهياره كان سيسهل من مهمته كثيرا ليفلت منها كلمات التعاطف دون حساب ...حسام الذي تعرفه ليس بهذه القوة والقسۏة مطلقا ...قسۏة لم تسمح سوى بكلمة واحدة من بلوغ شفتيها 
اسفة 
دق باصابعه على الكرسى الذى يستند عليه قائلا فى برود 
على ايه 
رفعت رأسها اليه فى بطء 
من فضلك يا حسام بلاش الطريقة دى ...زعقلى صړخ فيا اشتمنى حتى بس بلاش كدة 
ضحك في صخب وهو يفرك كفيه في تهكم واضح 
اه انتى جاية لحسام القديم بقا ..او خلينا نقول بشكل ادق حسام اللى انتى بتشوفيه بطريقتك... العاشق الولهان فى تراب رجليكى اللى ضيع عمره كله واحلامه وطموحه عشان بس يبقا جنبك ..حسام الضعيف بحبه ليكى ..حبه اللى خلاه يتنازل مرة واتنين وعشرة من غير ما يحس انه بدا ييجى على كرامته بزيادة ..الذنب مش ذنبك ..انا اللى كنت اعمى 
وفتح ذراعيه ليواصل 
ودلوقتى خلاص ..اتخلصت من ضعفى.. هرجع اعمل حياة جديدة غير الحياة اللى لخصتها كلها فيكى 
تمعنت به.. شابتها دهشة وهي تراقب حسام الجديد الذي لم تصادفه طيلة عمرها بأكمله ... 
ابتسم بزاوية فمه فى سخرية 
ايه كنتى متوقعه هتيجى تلاقينى مڼهار وحابس نفسى يا حرام وبشرب وبسكر عشان انسى ومش بعيد كمان اكون شانق نفسى ..مش غرورك كان ممكن يوصلك ده 
واضاف وهو يشير بسبابته الى صدره في جدية 
انا فوقت يا ايتن خلاص فوقت 
تمعنت به اكثر حاصرته بنظراتها تلتهم ملامحه التي تراها لاول مرة بتلك الصلابة وكأن تلك الصورة الهشة التى كان عليها دائما لم تكن له او ان غرورها بالفعل هو ماكان يصور لها هذا ...تصورت بالفعل انه يعيش حالة اڼهيار وصدمة ...شعرت بالشفقة عليه لهذا جاءت هل بالفعل تخطاها بهذه السهولة 
تنهد وهو ينظر الى ساعته يخبرها في حسم 
انا اسف جدا عندى شغل ولازم انزل 
حكت جبينها بكفها فى تردد لم يمنعها من سؤالها التالي رغم علمها بمدى وقاحته 
يعنى مش هشوفك تانى 
انا من النهاردة بالنسبالك زى زين ويوسف وقت ما هتحتاجى حاجة هتلاقينى 
تجمدت فى مكانها للحظات تتساءل لماذا ضاق صدرها بتلك الجملة وهى طالما تمنتها منه 
لماذا الان لاتقبلها مطلقا 
اهو شعور التملك 
اهي رغبتها فى ان يرضى غرورها كأنثى ويظل يحتفظ بحبها الكبير فى قلبه رغم ما حدث 
لما تراه اليوم بشكل اخر غير الذي اعتادته طيلة عمرها ليس فقط في طباعه بل في ملامحه 
نظرة أخيرة اليه والى الباب الذي وقف الى جواره ليطلب منها الرحيل جعلتها تشعر لأول مرة أنها خسړت الكثير ... 
ألقت هاتفها فى غيظ بعد ان قرأت رسالة جديدة من رسائل لاتعد ولا تحصى
من صديقاته القدامى ...تحاول كل منهن دائما ايهامها باستمرار علاقتها به ... 
فتحاول هي بالمقابل التشبث بكل ذرة ثقة وضعتها فيه واقناع نفسها بنظرية الوقيعة التي تتبناها مثلهن للظفر به من جديد ... 
ولكن الأفاعي لعبن على اضعف وتر لديها .. 
الغيرة ... 
ان لم ينجحن فى اقناعها بخيانته فعلى الاقل اوصلنها الى التفكير فى علاقاته العابثة من قبل كادت فى كل مرة ان تفقد عقلها وهى تتخيله مع اخرى قبل ان تدخل هى حياته ... 
تمنت لو كانت اول انثى تخط ذكرياتها على صفحة قلبه.. 
دائما يذكرنها انها حرمت هذا الحق وأن قلبه يحمل صفحات من
ذكريات طويلة له مع أخريات .. 
سؤال خبيث يكاد يفقدها عقلها تماما.. هل من الممكن ان يحن الى ماضيه فى يوم ما حين يكتفى منها ويخفت شغفه بها 
استغرقت فى أفكارها تماما حتى عادت الى واقعها بقبلته على شعرها .. 
رفعت رأسها بابتسامة جاهدت كثير لترسمها على شفتيها .. 
تبادل معها حوارا عاديا وهو يبدل ملابسه حتى تفاجىء بسؤالها 
يوسف انت ليه مش عاوزنى ارجع شغلى 
توقف لحظة وهو يضع ملابسه فى الخزانة والټفت لها قائلا فى هدوء 
انا مرفضتش انك ترجعى الشغل ..بس لو هترجعى هترجعى مديرة لقسم التصميمات مش مديرة لمكتبى فاجئها بما قاله فسألته فى حيرة 
وليه بقا 
تمعن بها للحظات... هل يخبرها انه اعتاد دوما ان يفصل بين حياته الخاصة وعمله وانها بالذات ستفقده تلك العادة تماما.. فان بقيت امامه لن يهتم حينها بشىء مطلقا سواها ..شغفه بها قد وصل حد الهوس واذا عادت الى عملها فربما فقد اعصابه فى أي لحظة وقبلها او ضمھا... ليس ربما بل مؤكد هذا سيحدث ليراهما اى موظف فى وضع غير لائق .. 
هيا الاجابة صعبة اوى كدة 
قالتها ايلينا وهى تعقد ساعديها فى مواجهته سامحة لكل شياطين الكون ان تتناول عقلها بالشك كما تشاء وأضافت بسخرية 
ولا عايز تكون على راحتك 
رد فى حدة وقد ازعجه ما رمت اليه 
قصدك ايه 
قطبت جبينها تجيبه في ڠضب 
انت فاهم قصدى كويس ..شكلك كدة حنيت لمغامراتك القديمة 
زفر محاولا الحفاظ على هدوئه وهي تخبره صراحة بانعدام ثقتها به 
يبقى الحكاية بقا مش حكاية شغل ..سيادتك عايزة تراقبينى ...مش مكفيكى التلفون اللى كل ليلة بتقعدى تفتشى فيه عاوزانى اكون تحت عنيكى على طول 
حاولت الرد فاوقفها بكفه قائلا وهو يحتد بنبرته اكثر 
احنا قبل ما نتجوز وانتى عارفة ان كان عندى ماضى وخلاص انا رميته ورا ضهرى ومش عايز ارجعله تانى ..لكن انتى مصرة كل مرة ترجعينا ليه ..مش قادرة تثقى فيا وفى حبى ليكى وتقتنعى انى اتغيرت 
اخفضت رأسها للحظات وادركت انها بالفعل تسرعت ككل مرة فاقتربت تمسك بكفيه تحاول أن تعتذر مدعومة بأنوثتها الفجة 
اعمل ايه يا يوسف بغير عليك ..كل ما اتخيل انك كنت مع واحدة قبلى ببقا هتجنن ..انا عارفة انه ماضى وانتهى عارفة انى ممكن اكون مچنونة بس كتير كنت بتمنى اكون اول واحدة فى حياتك ..الغيرة بټقتلنى يا يوسف 
نظر الى اناملها التى تحيط كفيه وابتسم في حزن 
يا ريتها كانت غيرة يا ايلينا لكن ده شك ..وانا طول الوقت اللى فات وانا بحاول اقنع نفسى بالعكس بس هيا دى الحقيقة ...وانا مش هستحمل كتير شكك فيا ولا نظرة الاتهام اللى على طول بشوفها فى عنيكى اللى ساعات بتحسسنى انك ندمانة انك ارتبطتى بيا 
سارعت تنفي ما قاله بسرعة 
يوسف لا اوعى تقول كدة ....انت اجمل حاجة حصلت فى حياتى 
نظر لها فى تمعن ليجد ان عينيها لازالت تحمل الكثير الذى يرفض لسانها البوح به فاقترب ليقبل جبينها فى بطء قبل ان ينسحب الى فراشه قائلا 
مش بالكلام يا ايلينا ....مش بالكلام 
شهر قد مضى عليها وهى تقيم فى منزل ايلينا القديم فقد رفضت العودة معها الى القصر بعد كل ما تسببت لها هذه العائلة من الم ..أخفت الأمر برمته عن صديقتها وأخبرتها فقط بحاجتها الى البعد لتعييد تقييم علاقتها بزين من جديد ...لم تشأ ان تقحم ما فعلته به هذه العائلة ليفسد ما بين ايلينا ويوسف فهي تعرف أن صديقتها لن تمرر ما حدث ان علمت به مرور الكرام .. فى البداية شعرت بڠضبها على زين فهو لم يهتم بالسؤال عنها كأن لم يجمعهما شيئا ذات يوم .. 
هل تضايق لأنها طردته من غرفتها يوم ان ظنت انه من فعل تلك الفعلة الشنيعة 
ام تضايق هو من سوء ظنها به 
من من حقه ان يغضب من الاصل 
هى من اهماله 
ام هو من رد فعلها 
قضت اغلب اوقاتها فى الرسم وانتظمت ايلينا في زيارتها يوميا لتقضى معها بعض الوقت مكررة محاولاتها لاعادتها الى القصر دون جدوى .. اتخذت قرارها ذات لحظة بالعودة من حيث أتت ورأت ان هذا افضل للجميع ولكنها تحججت بحالتها الصحية التى لم تستقر بعد لترجىء الأمر قليلا ...حجة واهنة ساقتها مشاعرها المعذبة واستجاب الجسد وأعلن ضعفه بالفعل ليثبت مصداقيتها أكثر ..فهي لاتحتمل البعد ..لا تحتمل الفراق .. 
مر الوقت .. 
خفت صوت العقل تماما .. 
تمكنت المشاعر من كل شىء .. 
احتل زين وشوقها اليه كل ذرة من تفكيرها .. 
شوق عارم محا كل قسوته فى لحظة واتخذ له كل الاعذار بل وضعه فى مكان الضحېة .. 
مبررات كثيرة اتخذها قلبها له ورفضها عقلها ليثور القلب ناثرا فوضاه بكل ذرة من احساسها .. فيرفع الكيان بأسره رايته البيضاء مهزوما فلم يعد لشىء سلطان عليه .. 
فتحت هاتفها وطالعت بعض الصور التى التقطتها لهما سويا .. 
كم منعت نفسها من مطالعتها حتى لا يتغلب الشوق عليها وبما أن المعركة قد حسمت فلا ضير أبدا أن تراهما مرة واثنان وعشرة . 
ابتسامات وديعة ..نظرات تحطها بالدفء والأمان .هذا لم يكن وهما مطلقا ..بل كانت حياة بأسرها ..حياة عاشت كل لحظة بها وانتظرت ما لم تعشه بعد منها 
هي لم تحتج صورة على هاتف لتدرك هذا .. 
لم تحتج أن تتذكر ما لم تنساه من الأساس .. 
زين الدين في كل شىء تحط نظراتها مرساه عليه ..بل بين جفونها ان أغلقتها عن العالم .. 
بين ألوانها التي تمزجها لتصنع لوحة وفي أوراقها التي لم تمسها أقلامها بعد ..... 
تنهدت بعمق وهي تستسلم تماما و تدير رقمه ليدق قلبها وترتعد يدها وهى تشعر ان
 

 

تم نسخ الرابط