أوتار الفؤاد أوس ل منال سالم
المحتويات
لن تصل معها إلى شيء فلكزتها بقسۏة في جانبها صائحة بها بعصبية
قومي اسألي حد من الممرضات ولا الدكاترة هنا عنها بدل ما إنتي بټسممي بدني بكلامك ده
زمت شفتيها لترد بتأفف
ماشي يامه
سارت ببطء متأملة أوجه الممرضات لتبحث بينهن عمن تتوسم فيها خيرا لتساعدها رأت إحداهن تقف بجوار باب الطوارئ فتحمست للذهاب إليها والحديث معها هتفت صائحة وهي تلوح بذراعها
رمقتها الممرضة بنظرة مزعوجة من ذلك اللقب الذي منحته لها ردت عليها على مضض بعد زفير مطول ومسموع أشار لنفاذ صبرها
خير
تجاهلت بطة امتعاضها الظاهر على تعبيرات وجهها لتسألها
ولاد الحلال قالولنا إن أختي شافوها هنا وسألت برا قالولي إنها في الطوارئ متعرفيش إن كانت طلعت ولا لأ
أجابتها بوجه
عابس
أنا جاية من هناك مافيش حالات جوا شوفيها في عنبر 3 اللي في الدور الأول حالات الستات بنوديها فيه
تشكري
عادت إلى والدتها وهي تغمغم بكلمات متبرمة سألتها الأخيرة مستفهمة وقد تركزت عيناها الغاضبتان عليها
ها عرفتي هي فين
ردت مشيرة بيدها للأعلى
الممرضة قالت أشوفها فوق
لوحت لها والدتها هاتفة بصيغة آمرة
طب اسنديني خليني أعرف أقوم
أحنت بطة جسدها قليلا عليها ممررة ذراعها إليه لتستند عليه فتتمكن من مساعدتها على النهوض سارت كلتاهما في اتجاه الدرج تجاوزتا زحام أهالي المرضى المتراصين في أركان المشفى لتصلا إلى الطابق العلوي لم تعرفا إلى أين تتجها تحديدا جابت بطة بنظراتها اللافتات القديمة المعلقة بجوار الأبواب العريضة ثم هتفت لأمها بارتياح بعد أن وقعت أنظارها على ضالتها
اقتربت الاثنتان من الباب المتسع وقبل أن تلجا للداخل استوقفتها إحدى الممرضات متسائلة برسمية بحتة
إنتو جايين هنا لمين
أجابتها بطة بسلاسة
أختى هالة سألنا تحت عنها قالولنا إنها موجودة هنا
سألتها الممرضة ببرود رامقة إياها بنظرة جافة خالية من التعاطف
في كتير جوا شكلها إيه ولا كانت لابسة إيه
هتفت موضحة
هي كانت راجعة من المدرسة الثانوي بتاعتها و...
خلاص عرفتها دي اللي جتلنا في حاډثة مياه الڼار هتلاقيها تاني سرير على إيدك الشمال
تبادلت بطة نظرات جمعت بين الصدمة والفزع مع والدتها التي صعقټ هي الأخرى من كلمات الممرضة كتمت شهقتها المتحسرة قبل أن تنفلت منها في حين لطمت أمها على صدغها وقد توقعت حدوث الأسوأ
أصوات مزعجة متداخلة مختلطة بسعال متحشرج ومتكرر ضاعفت من ذلك الصداع المؤلم برأسها تأوهت هالة بأنين خاڤتة شبه مسموعة وهي تحاول تحريك جسدها المتيبس فتحت جفنيها ببطء حذر ثم عاودت غلقهما سريعا بسبب قوة الإضاءة رمشت بعينيها لعدة مرات حتى تعتاد حدقتيها عليه أزعجتها الضوضاء القريبة منها فالتفتت نحوها لتجد إحدى النساء تصرخ بعصبية لم تفهم أين هي وماذا تفعل هنا لكنها كانت متأكدة أنها ليست بالمنزل أو بمفردها ارتفع الثخب من جديد فتشنج وجهها أدارت رأسها للجانب الآخر لتجد شابة ترتدي زيا أبيض اللون تغرز حقنة ما في ذلك السائل المتدلي من الحامل المجاور لفراشها المتواضع بحاجبين معقودين ظلت محدقة بها لبعض الوقت حتى استدارت الممرضة نحوها رسمت ابتسامة سخيفة مصطنعة على ثغرها لتقول مرحبة بعدها بروتينية معتادة
تفقدتها بشكل صوري متابعة حديثها
عشر دقايق والدكتور هيجي يشوفك
شعرت هالة بوخزات حادة في كفيها مما أجبرها على رفعهما للأعلى قليلا لتنظر إلى الشاش المغلف لهما تعقدت ملامحها وحدقت بشرود في الفراغ محاولة تذكر ما حدث لها أو ما الذي أصاب يديها تدريجيا بدأ عقلها في استيعاب الأمر إنه القميء منسي تربص بها واعترض طريقها بعمق لتسيطر على الاضطراب الذي اعتراها حملقت في الممرضة متسائلة بقلق
طب أنا بأعمل إيه هنا
رمقتها بنظرة جافة بطرف عينها قبل أن تتجاهل الرد عليها وتتجه نحو مريضة أخرى تتمدد على الفراش المقابل تحركت حدقتاها معها والفضول ېقتلها لتعرف مصيرها لذا صاحت بنفاذ صبر
ردي عليا أنا حصلي إيه
ڼهرتها إحدى المريضات التي سئمت من صړاخها هاتفة
ما كفاية دوشة بقى صدعتينا! احنا مش ناقصين خوتة كفاية القرف اللي احنا فيه
حركت هالة رأسها في اتجاه صاحبة الصوت القاسې فرأت امرأة متجهمة الوجه غليظة الطباع ملامحها توحي بالعڼف واستعدادها لفعل ذلك ملموس بشكل كبير ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وردت مدافعة عن نفسها بتلعثم
أنا بسأل عن اللي جرالي غلطت في إيه يعني
لوحت بذراعها مهاجمة إياها باستهزاء
ما إنتي زي الجن أهوو غيرش بس شوية الشاش على إيديكي دول
بالرغم من وقاحة ردها الفظ إلا أنها شعرت بالارتياح لكون وجهها بخير رمقت تلك المړيضة بنظرة خاطفة من طرف عينها ثم أخفضت رأسها لتتأمل يديها من جديد أنت بخفوت من الوخزة الحادة التي أصابتها وهي تقلب كفيها مما أعاد القلق سريعا لها احتارت هالة في أمرها ودار برأسها الكثير من الهواجس انتشلها من تفكيرها الموسوس الأصوات المألوفة لوالدتها وأختها تعلقت عيناها على الفور بوجهيهما وتبدلت قسماتها المشدودة بتعبيرات ارتياحية لوجودهما حاولت أن ترفع جسدها على الوسادة القديمة لتعتدل في نومتها تأثرت لحضورهما فامتلأت عيناها بالعبرات دنت منها بطة بخطوات متعجلة واحتضنتها بتلهف ثم قبلت إياها من أعلى رأسها وهي تقول لها
حبيبتي يا هالة شدة وتزول إن شاء الله
ضمتها أختها بحذر لتتجنب الألم المباغت الذي يصيبها كلما حركت كفيها ردت عليها بابتسامة متفائلة
كويس إنكو جيتوا
شوفتوا منسي البلطجي استقصدني وكان عاوز ي...
قاطعتها وهي تمسح على وجنتها برفق
عرفنا كل حاجة داهية تاخده مطرح ما هو قاعد ولاد الحلال ودوه القسم وهياخد جزاته
بكت قائلة بحړقة
منه لله أنا معملتلوش حاجة عشان يبهدلني كده
ردت مواسية بلطافة
قدر ولطف يا حبيبتي الحمدلله إنها جت على أد كده
كانت هالة متلهفة لحضن والدتها تشتاق إلى ضمتها الحنون لكن لم تمنحها الأخيرة أبسط أمنياتها جلست بازدراء على طرف الفراش تجوب بنظرات ممتعضة ووجه متأفف المكان المحيط بها إلى أن توقفت عيناها أخيرا على ابنتها أغفلت عن نظراتها المتعطشة لها لتعطيها فقط نظرة ساخطة نفخت قائلة بتذمر وهي تشيح بعينيها بعيدا عنها
ماتفرحيش أوي ياختي محدش عارف مستخبيلنا إيه تاني
عاتبتها بطة بنظراتها المحذرة وهي ترد
استبشري خير يامه هالة قدامك أهي بخير وزي الفل
مصمصت شفتيها بحركة مستنكرة ثم استندت بطرف ذقنها على مرفقها لتضيف بتبرم
الله أعلم إن كانت كده ولا هنلاقي بلاوي سودة تانية
نكست هالة رأسها خجلا من تلميحها الغامض والذي يشير بدرجة كبيرة إلى مصائب أخرى قادمة كم تمنت في نفسها لو لامست فيها عطفا أموميا غزيريا يشعرها بأنها تخاف عليها حقا خاب رجاؤها وانطفأت نظراتها مع تجاهلها وجفائها القاسې صاحت والدتها عاليا
فين الضاكتور اللي هنا يجي يقولنا هتفضل هنا ولا هتمشي من المخروبة دي
انعقد حاجبا بطة بغيظ من تنمرها الزائد وردت عليها
مش نطمن عليها يامه الحمدلله وشها بخير ومجرالوش حاجة
أشارت أمها بعينيها الحانقتين إليها قائلة لها
هيبان لما تشيل الشاش ده اللي حطاه في كل حتة
ڼهرتها بلطف وهي تكز على أسنانها
مش وقته يامه
أصابتها رجفة خفية من جملتها المربكة لذا نظرت هالة إلى أختها بعدم فهم متسائلة
هي بتكلم عن إيه
أحست بطة بالمخاۏف التي اعترت أختها فعمدت إلى إلهائها عن التفكير في ذلك راسمة ابتسامة زائفة على محياها وهي تقول لها
متخديش في بالك بكرة تروقي وتبقي كويسة المهم عندنا إنك معانا وربنا نجاكي من شره
هزت هالة رأسها باقتناع وهي تتصنع الابتسام أيضا لتعاود التحديق في وجه والدتها جامد التعبيرات بعينين حزينتين شعرت بطة بما يجيش في صدر أختها من مشاعر مقهورة فهي مثلها اختبرت جفائها في أصعب المواقف وأشرسها وتعرف جيدا معنى أن تكون الأم متحجرة القلب وقاسېة في مشاعرها.
...................................................
انتهى النادل من وضع فنجان القهوة أمام الرجل الوقور بعد أن قدم لمضيفته قهوتها السادة تأكد من إتمام عمله على أكمل وجه واضعا تلك البسمة الروتينية على محياه قبل يحني رأسه قليلا للأسفل ثم استدار مبتعدا عنهما ليشرع الاثنان في استكمال حديثهما الجاد جلست رغد بأريحية على مقعدها مركزة عينيها على وجهه ذو الملامح الخبيثة والتعبيرات الماكرة استطردت قائلة ونظراتها بالكامل مسلطة عليه
بابا قالي إنك تعرف كل حاجة عن عمي مهاب
ابتلع المحامي نصيف ما ارتشفه في جوفه ليسند فنجانه أمامه تنحنح مستهلا جملته بهدوء حذر
الله يرحمه د. مهاب كان غالي عندي أوي
كانت مدركة أنه يتحاذق عليها فجارته في حزنه الزائف قائلة
أكيد
توقفت للحظة عن الحديث لتضيف بنبرة غامضة
بس مش أغلى من شيك على بياض تحط فيه الرقم اللي إنت عاوزه
ضاقت نظرات نصيف متسائلا
تقصدي إيه بالظبط
استقامت رغد في جلستها وبدت أكثر جدية عن ذي قبل لتجيبه بثبات
مصلحتك ومصلحتي!
ثم مدت يدها نحو حقيبة يدها الصغيرة لتخرج منها ورقة صغيرة مطوية ظلت عيناها موجهة نحوه وهي تمرر الورقة بين إصبعيها لتعطيها له تصنعت الابتسام داعية إياه لتناولها
اتفضل
أخذها نصيف لينظر بفضول إلى الشيك الذي بحوزته للحظات معدودة عاد ليرفع رأسه نحوها ثم سألها بتأن
أجابته بوجه جليدي في تعبيراته
اعتبره عربون بيزنس مهم بينا
طوى الورقة بعد أن ألقى نظرة ثانية عليها دون أن يعيد التفكير مرتين في القبول بعرضها المغري بالنسبة له دسها في جيب سترته الداخلي ورسم تلك البسمة السخيفة التي عكست رضاه على ثغره أخرج زفيرا بطيئا من صدره ليسألها بتريث
وإيه المطلوب مني
توحشت نظراتها وهي تجيبه
معلومة أستفيد بيها في حربي ضد ابن عمي
هز رأسه معلقا
أوس الجندي
بالظبط إنت عارف كويس الوضع بقى إيه دلوقتي والمشاكل الكبيرة اللي بدأت بينا
أيوه
ظهرت ابتسامة جانبية لئيمة على شفتيها قبل أن تنطق
وطبعا أي حد هيساعدني في حربي دي أو يساعد بابا هايكون ليه مكافأة كبيرة
داعب نصيف طرف ذقنه بإبهامه وهو يصغي إلى وعودها السخية بالمزيد من المال تنهد قائلا
مافيش مانع عندي طالما كله بحسابه
سألته دون تفكير وقد زاد وهج نظراتها الشيطانية
ها عندك اللي يفيدني
رد بثقة تامة وهو يمسك بفنجان قهوته
أكيد
صمت للحظة ليضيف تشويقا متحمسا إلى حديثه ليتابع بعدها بكلمة مقتضبة
ليان
زوت رغد ما بين حاجبيها متسائلة بعدم فهم وقد استشعرت وجود خطب ما وراء التطرق إلى أمرها
مالها
خلى وجهه من التعبيرات وهو يجيبها
مش بنت عمك!
اتسعت حدقتاها في ذهول مصډوم وانفرجت شفتاها للأسفل عن اندهاش غير مسبوق من رده الذي سيقلب الموازين حتما ويضفي المزيد من الإثارة في صراعها الدؤوب مع خصمها القوي.
............................................................
تناول الحرس الحقائب من الخادمة ليتم رصها
بانتظام بداخل صندوق السيارة
في حين تأبطت تقى ذراع ليان وسارت معها بتمهل في اتجاه سيارة عدي التي اصطفت على مقربة من المدخل الرئيسي للفيلا الخاصة بزوجها تبادلت معها حديثا وديا آملة أن تخفف قليلا من حالة الوجوم الحزين المسيطر عليها فبالرغم من مكوثها لعدة أيام هنا إلا أنها كانت مقتضبة في كلامها معها فقط الصمت والنظرات
متابعة القراءة