أوتار الفؤاد أوس ل منال سالم

موقع أيام نيوز

بتشفق عليها!
صاح محتجا وقد فاض به الكيل من محاولاته لإقناعه بكل الطرق العقلانية والانفعالية
دي مش شفقة بأقولك أنا بأحبها ليه مش عاوز تصدقني
سأله في هدوء
وهي بتحبك ولا ...
تردد قبل أن يجيبه
مش متأكد لسه.
قست ملامح وجه أوس قائلا بلهجته غير القابلة للتفاوض
ولحد ما تتأكد من ده هتبعد عنها مفهوم!
اعترض عليه بعند
بس كده حرام و....
قاطعه مشيرا بسبابته
من غير بسبسة كلامي هيتنفذ بالحرف ده لو إنت عاوزني أصدقك فعلا!
رمقه يامن بنظرات مشحونة بالكثير من المشاعر الغاضبة والرافضة لقانونه المجحف الذي يمنع عنه حق الاختيار وتقرير المصير ما أوقف جدالهما هو استئذان السكرتيرة بالدخول لتقول في ارتباك
أوس باشا في واحد مصر إنه يقابل سيادتك دلوقتي.
زوى ما بين حاجبيه معلقا عليها بخشونة
مش أنا مانع أي مقابلات كلامي مش مفهوم!
ردت بتوتر وهي تضغط على شفتيها
أنا بلغته يا فندم بده بس هو مصمم بيقول إن الموضوع ضروري ويخص مراته مدام رغد!
نطق أوس باسمه مدهوشا
أكرم!
لم يكن قد التقاه إلا مرات معدودة في زيارات عائلية رسمية أثناء تقدمه لخطبة رغد وزواجه منها لذا مجيئه اليوم كان غامضا ومربكا إلى حد كبير. كذلك حلت الدهشة على وجه يامن تبادل مع ابن عمه نظرات حائرة وفضولية فعلى الأغلب مجيء زوج أخته اليوم يحمل في طياته أمرا خطېرا استدار برأسه فجأة نحو أوس الذي عامله بروتينية بحتة
اتفضل شوف شغلك ولينا كلام تاني.
اكتفى بالإيماء الصامت برأسه ثم خرج عائدا من حيث أتى التقى في طريقه ب أكرم الذي مد يده ليصافحه قائلا باستغراب وكأنه لم يتوقع رؤيته
يامن مكونتش فاكر إنك موجود هنا
رد عليه بفتور
أنا بأشتغل هنا هي رغد مقالتلكش ولا إيه
امتعض وجهه أكثر وهو يقعب
لأ.. تقريبا أنا آخر من يعلم باللي يخصها!
ظهرت ابتسامة متهكمة على جانبي ثغره قبل أن يؤديه
ومين سمعك كلنا زي بعض!
ثم أخرج تنهيدة ثقيلة وسريعة من جوفه ليكمل بعدها محذرا
أسيبك مع ابن عمي بس خد بالك في الكلام معاه محدش ضامن هيعمل إيه لو سمع حاجة ضايقته!
هز رأسه قائلا
تمام أنا عامل حسابي.
ربت يامن على جانب ذراعه كنوع من توديعه ليلج أكرم بعدها لداخل غرفة مكتب أوس الجندي حيث انتظره الأخير على رأس مكتبه مشبكا لأصابع كفيه معا ومستندا بمرفقيه على سطح مكتبه الفخيم استهل الأول حديثه مستطردا بلباقة
مساء الخير أسف إن كنت جيت من غير ميعاد وهاعطلك عن شغلك شوية بس فعلا الموضوع مايستناش أكتر من كده!!
كانت كلماته متحفظة للغاية ومٹيرة للقلق أشار له أوس بالجلوس دون أن ينبس بكلمة فقد كانت السمة السائدة على تعابيره هي الجمود. استقر أكرم على المقعد الملاصق لمكتبه ليبدو في مواجهته نظر له بإمعان محاولا سبر أغوار عقله ورغم صعوبة الأمر عليه إلا أنه جازف بكل
شيء وخاطر بعلاقته مع زوجته ليقابله سرا. تنحنح مضيفا بنفس النبرة الهادئة الرزينة
أنا عارف إن رغد خدت الأمور بشكل شخصي زيادة عن اللزوم واتورطت في حاجات كتير غلط عشان ...
قاطعه أوس بجدية غليظة
مش محتاج تبررلي المدام عملت إيه خش في الموضوع على طول!
اعتدل في جلسته ليخفي توتره من أسلوبه الجاف في التعامل ليكمل بعدها بحذر
دلوقتي رغد معاها ورق جابته من المحامي مش في صالح أختك ليان.
رد عليه أوس موضحا دون أن تتبدل تعابيره القاسېة
قصدك قضية النسب والكلام اللي داير في الميديا
هز رأسه بالإيجاب وهو يرد
بالظبط.
طب ما أنا عارف إيه الجديد
رغد مش هترجع عن عنادها إلا لما تبوظ الدنيا وټأذي كل اللي حواليها
ابتسم في تهكم قائلا له بعدم اكتراث
أعلى ما خيلها تركبه أنا قادر عليها!
عقب عليه أكرم بجدية مغايرة لطبيعة الموقف الخطېر
وأنا معاك ونفسي تبطل جنانها وتفوق لولادها ولبيتها بس للأسف ده مش هايحصل! رغد بتضيع حياتها ومش فارق معاها حد!
تعجب أوس من ردة فعله المناقضة للمنطق فأردف متسائلا بوجه عابس ونظرات قاسېة
دي لعبة جديدة من ألاعيبها والمرادي إنت طرف فيها و....
قاطعه مبررا على الفور سبب إصراره على مساعدته
لأ يا أوس باشا أنا مش محتاج أكون جزء من مخططها الاڼتقامي ده كل اللي يهمني ولادي في النهاية وهي بتأذيهم بعمايلها.
سأله مباشرة دون مراوغة
عاوز تقنعني إن ضميرك صحى فجأة وجاي تقف في صفي
أجابه في هدوء عقلاني يناسب طبيعة الموقف
أنا مكونتش راضي من الأول على اللي في دماغها.
ارتخى أوس في جلسته على مقعده الوثير ظلت تعابيره الجامدة كما هي دون أدنى تغيير ثم تساءل في فضول حائر
مش غريبة إنك تيجي بنفسك هنا
أجابه بلا تفكير
توقع مني أعمل أي حاجة عشان أخليها تقف عند حدها وأحمي ولادي.
أتت إليه الفرصة على طبق من ذهب ليستغلها ويطوع الأمور وفق رغباته بالطبع لم يكن ليضيعها سدى. ضاقت نظراته متسائلا في لؤم
حتى لو كان هيخسركم حياتكم مع بعض
أجابه بعد تنهيدة بطيئة عكست فتور وسلبية الأوضاع بينهما
تقريبا الحياة منتهية بيني وبينها وأنا عاوز أبعد بولادي عن مشاكلها معاك اعمل اللي إنت عاوزه وطلعنا من حساباتك
فكر أوس مليا فيما عرضه عليه ثم سأله من جديد
وإيه اللي مخليك مفكر إني هاتعرضلك
أجابه محركا كتفيه
مافيش حاجة مضمونة بس أنا مستعد لأي حاجة تطلبها مني عشان تضمن صدق كلامي وولائي ليك
لم يكن ثمة علامة يستدل بها أكرم على موافقته من رفضه لكن صمته المريب حفزه إلى حد ما لترجيح كفة قبوله بعرضه المغري فاحتمالية دوام زيجته من رغد باتت أمرا مستحيلا ....................................... !!
........................................................
كان مقصرا فيما يخصها لسبب وجيه حيث انشغل عنها بعائلته والمشاكل الجمة التي حاصرتها فلم يهتم جديا بحاډثها المأساوي بالرغم من إبلاغ رجله المراقب لها بآخر التطورات معها شعر بتأنيب الضمير لغفلته عنها وتراخيه في الإتيان بحقها ومع ذلك كان راضيا في قرارة نفسه عن تصرف ابن عمه المسئول معها. فقد أثبت له أنه تغير بالفعل ولم يعد الشاب المستهتر غير العابئ بهموم الآخرين وعلى الرغم من ضغطه المتعمد له مؤخرا ودفعه لحافة الجنون لإثناءه عن حبه العفيف لها إلا أنه نجح ببراعة في اختباره وعاد ليثبت من جديد شدة تمسكه بها نافيا عنه تهمة العبثية. حضر أوس لزيارة مريضته المراهقة دون ترتيب مسبق في المشفى الخاص الماكثة به كانت غافلة ومستسلمة لإغراء النوم الدافئ فتحت هالة عينيها بثقل لتتفاجأ بوجوده على رأس فراشها يتطلع إليها في صمت جاد اتسعت حدقتاها مرددة پصدمة متوترة
إنت!
ثم تداركت نفسها معتذرة على الفور عن قلة ذوقها في مناداته دون إبداء أي احترام لشخصه المهيب
أنا أسفة!
تغاضى أوس عن زلتها المصډومة ليستقيم في وقفته الشامخة قائلا لها
عاملة إيه يا هالة
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وهي ترد بارتباك
الحمدلله.. أحسن شوية
تنحنح متابعا بلهجته الجادة
اعذريني.. كنت مشغول عنك الفترة اللي فاتت.
همست بحرج
م.. مافيش مشكلة.
أشار لها بكف يده متعهدا
مش عاوزك تقلقي من حاجة أنا بنفسي هاجيبلك حقك من الكلب ال ..... منسي
تقلص وجهها في غير رضا لمجرد ذكره لاسم ذلك الخسيس النجس لاحظ التبدل العابس في ملامحها وارتخاء نظراتها لذا أضاف عن قوة ليبث لها إحساس الاطمئنان
مش معنى إنه اتسجن بقى خلاص بعيد عن عيوني!
أشعرتها طريقته الجادة في الحديث بقليل من الخۏف ليس منه ولكن مما سيحدث لاحقا سيطرت على رهبتها التي باتت ملموسة أكثر في نظراتها إليه وفي عدم انتظام أنفاسها وهو يوعدها
قريب هترتاحي منه نهائي!
هزت رأسها في استسلام كامل وكأنها تعلن بذلك عن رضائها التام لما ينتوي فعله مستقبلا شحب وجهها فجأة حينما باغتها بسؤاله المباشر
يامن بيضايقك
بههت ولم تعرف بماذا تجيبه في البداية تخشبت في مكانها وحدقت فيه بعينين متسعتين في ذهول حرج لسؤاله الخالي من التمهيدات شعرت بخفقة قوية ټضرب قلبها مع حصاره لها بنظراته المتفرسة وكأنها أصبحت أسيرة لجهاز كشف الكذب اعتراها ارتباك مضاعف فتلعثمت وهي تسعى لاختلاق رد
مقنع
لأ.. هو .. أقصد يعني.. كان بيطمن عليا و..
رفع كفه مشيرا لها لتكف عن الكلام قبل أن يعلق عليها
خلاص فهمت.
أطبقت على شفتيها بقوة لتخفي ربكتها المحرجة منه أحست بسخونية تنبعث من بشرتها لتزيد من إحراجها أمامه تحاشت النظر نحوه وأطرقت رأسها للأسفل لتركز بصرها على أناملها التي تفركها معا. كان أوس من الفطنة ليدرك ذلك التوتر الخجل الذي أصابها بدا ابن عمه محقا في وجود بذرة لمشاعر نقية بينهما حتى وإن أنكرت هي ذلك وادعت العكس لكن لا ينفي ذلك ميلها إليه أولاها ظهره يأمرها بلطافة
عاوزك تاخدي بالك من نفسك تمام
ردت بصوت أقرب إلى الهمس
حاضر.
أضاف أخيرا قبل أن يتجه إلى باب غرفتها
أنا هتابع مع الدكتور حالتك ومتقلقيش .. كل اللي حصل ده عندي وهصلحه بطريقتي!
تعقدت تعبيراتها غير مستوعبة ما يرمي إليه ومع ذلك لم تجرؤ على سؤاله اكتفت بنظرات حذرة نحوه ودعها بجمود معتاد منه
سلام يا هالة.
ردت عليه بنبرتها الخفيضة
مع السلامة يا باشا.
انصرف بعدها ليتركها في حيرتها وتوترها وضعت هالة كفيها على وجنتيها لتتلمس بشرتها الدافئة سحبت نفسا عميقا لتستعيد به انتظام خفقات قلبها لم تتخيل أنها سترتبك هكذا في حضرته لمجرد سؤال عابر تساءلت مع نفسها في قلق وكأنها تستنكر احتمالية تعلقها بذلك الشاب
هو أنا إيه اللي بيحصلي بس
قادته أطراف الخيط التي جمعها مؤخرا من زيارات شبه منتظمة لزوجة أبيه في السچن ولقاءات غريبة مع ذلك السجين الذي حمل لقب نصف رجل إلى شخص بعينه هو من تولى مهمة تصريف المسائل القانونية وفقا لأهواء تلك الحقود ومن أجل منافع شخصية. ومع زيارة أكرم المفاجئة له أصبحت ظنونه حقيقة ملموسة غير قابلة للتشكيك. اقتحم أوس مكتبه للمحاماة وبصحبته عدد لا بأس به من أفراد حراسته الخاصة ليتحول المكان إلى محبس شديد الحراسة. هب نصيف واقفا فور أن رأه بهيبته الخاطفة للأنفاس ادعى الثبات مرحبا به بود زائد ليخفي خوفه منه
باشا مش كنت تقول إن سيادتك جاي كنت ...
قاطعه مشيرا بنظراته القاسېة
ابلع لسانك بلاش نفاق!
تجمد في مكانه مجبرا قدميه على الوقوف ثم ازدرد ريقه ونظر له في ړعب مسبب فرقع أوس بأصابعه لأفراد حراسته لينصرفوا من مكتبه
ومع انسحاب آخر فرد قام بغلق الباب خلفه. زاد توتر نصيف وشعر باضطراب أنفاسه تنفس بعمق وتصنع الابتسام ليقول ببسمته اللزجة كمحاولة يائسة لاتقاء شره
شرف عظيم إن معاليك تنور مكتبي.
نظر له شزرا قبل أن يسأله بلهجة جافة لا تحمل ودا وليوقف محاولاته المهترئة لإدعاء صداقة وألفة لا توجد من الأساس
ليك يد في موضوع ليان أختي
باغته بسؤاله الصريح فتخشب جسده وتوترت عروقه النابضة صاح به أوس من جديد بقوة أكبر لترتجف أطرافه
رد عليا إنت ليك يد في اللي بيحصل مع ليان
وقبل أن ينطق حذره بشراسة
خد بالك لو هتكدب عليا مش هارحمك!
رد على الفور ومدعيا بالكذب
يا باشا
تم نسخ الرابط