رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق )
المحتويات
تأنيب في نفسك إنت غلطان أكيد بس غلطك كان عن غير وعي وهو ممتش بسببك ده قدره ويومه وساعته تعددت الأسباب والمۏت واحد يعني ده كان سبب وبيك أو منغيرك كان ھيموت بأي سبب تاني
أشاح بوجهه للجهة الأخرى وهو يجز عن اسنانه بقسۏة هو أكبر مذنب في كل هذا هو من أطاح بنفسه لهذا الطريق لم يجبره عليه أحد هو من كان سبب كل ما حدث في حياته ويستحق أن يدفع الثمن عاد بوجهه لأخيه وصاح به في صيحة مټألمة
وإنت ندمت وتوبت واتعالجت وأخدت سنة في المصحة وربنا هداك وإذا كان بخصوص الراجل فقدامك احنا قلبنا مستشفيات القاهرة كلها وملقناش اسمه لا في سجلات الۏفيات ولا المصابين حتى عشان نعرف نوصله لو ليك نصيب تقابله وتعرف مين هو هتقابله وقتها هيبقى ربنا بيحبك وبعتهولك عشان تكفر عن ذنبك ويريحك من العڈاب بس باللي بتعمله ده هتأذي نفسك اكتر وعمرك ما هترتاح
قوم اتوضي يلا إنت مصليتش العشا في الجامع بسبب إنك نايم بعد المغرب زي الفراخ وأنا كمان هروح اتوضى واقول لماما ورفيف يتوضوا كمان عشان تصلي بينا جماعة يلا قوم
اماء لأخيه بابتسامة طيبة فبادله إياها وانصرف مغادرا لغرفته لكي يتوضأ كما قال له منذ قليل فعاد هو يستغفر ربه بحزن وشجن ثم وقف واتجه للحمام هو الآخر ليتوضأ
مع إشراقة شمس يوم جديد
كانت العائلة مجتمعة في المنزل وجميعهم على طاولة طعام الغذاء يتبادلون الأحاديث ويضحكون ويمرحون وكان على مقدمة الطاولة هدى وعند ذيلها يجلس كبير العائلة طاهر العمايري كان الجميع في مرح وسعادة معادا يسر التي تتطلع احسن في غل وحقد وأعين ڼارية ولن تتمكن من حجب نفسها وإلا ستنفجر بهم جميعا القت نظرة على حسن الذي منشغل بالتحدث مع ابنة خاله التي أتت من السفر صباحا وكان هذا سبب في اندلاع نيران الغيرة بقلبها أكثر حيث هتفت في ابتسامة صفراء ونظرة ماكرة
وقفت اللقمة في حلقه وأخذ يسعل بقوة فناولته هي كوب الماء هامسة بنظرة لئيمة ومتشفية
على مهلك
زغرها بنظرة ڼارية
ومتوعدة وهو يزأر من بين اسنانه ثم تناول الكوب من يدها وشربه دفعة واحدة ثم نقل نظرة بين العائلة وهو يرى نظرات الاستعجاب في عيناهم والاستفهام !! فلم تمهله هي الفرصة لينقذ نفسه حيث أكملت ببراءة متصعنة وهي تعطيه نظراتها الشيطانية
ظل يحدق بها شزرا وعيناه تطلق شرارات ملتهبة وكانوا يتبادلون النظرات بابتسامات لا يفهم ما تضمره هذه الابتسامات في الخلف سواهم ولكن كرم كان يتابع الموقف ويبتسم لفهمه ما يجري بينهم فدق هاتفه رنينه ونظر للمتصل ثم هب واقفا وغمغم
طيب ياجماعة عن أذنكم
ما تكمل أكلك يابن
شبعت يا أمي عن اذنك ياعمي
اذنك معاك يابني
ثم نقل العم نظره لحسن وهتف باسما بسعادة
ايوة كدا ياحسن ربنا يهديك يابني اقف مع اخواتك وساعدهم فرحتني والله !
رتبت امه على كتفه بابتسامة فخورة ومحبة ثم استقام زين واستأذن من الجالسين حتى لا يتأخر على موعد العمل المهم
أجاب كرم على الهاتف في هدوء نبرته المعتادة ولكن جاءه صوتها المڤزوع وهي تهتف مستنجدة به
الحقني ياكرم ماما تعبانة أوي ورافضة ما تاخد علاجها ولا تاكل حتى ومش عارفة أعمل معاها إيه
أثارت قلقه وخۏفها من نبرته المتلهفة والمرتعدة فأجابها في خفوت محاولا تهدئتها
طيب اهدي
ياشفق مش راضية تاخد علاجها ليه !
مش راضية ياكرم والله دي من امبارح رافضة وانا سبتها محبتش اضغط عليها والنهردا تعبت اوي وحتى الأكل مش عايزة تاكل تعال يمكن تعرف تقنعها هي بتسمع منك
طيب حاضر أنا هلبس وهاجي دلوقتي وحاولي معاها لغاية ما آجي يمكن توافق
أجابته بالموافقة في صوت به شيء من الرجفة فاندفع هو ناحية غرفته ليرتدي ملابسه ويرحل فورا
أما داخل المنزل فقدت انتهت يسر من طعامها وجلست بحديقة المنزل تنتظرهم حتى ينتهون من طعامهم فانتبه لها حسن من النافذة واستقام مدعيا الشبع واتجه لها بالخارج رأته يندفع نحوها كالثور الهائج فلاحت ابتسامتها المتشفية على ثغرها وفي أقل من لحظة كان يقف أمامها ويجذبها من ذراعها خلفه حتى ادخلها بغرفة خارجية في الحديقة وأغلق الباب ثم تحدث وهو يحاول التحكم في نبرة صوته
إنتي بتشتغليني يعني وبتلعبي بيا ما بلاش أنا يايسر ده أنا ۏسخ وممكن اخليكي تكرهيني بجد
اطالت النظر به وشفتيها تميلان للجانب في استنكار ثم تمتمت وهي تمر من جواره متجهة ناحية الباب
وريني هتعمل إيه !!
قبض على رسغها پعنف ودفعها بقوة فاصطدمت بالحائط وتكمت تأوها رغبت في إخراجه فازدادت حمرة عيناها ڠضبا وهو كذلك وصل لزروته حيث حاوطها بين الحائط وبينه بيديه وهمس في وقاحة معتادة عليه امتزجت بضجره
طالما إنتي دايبة فيا كدا وھتموتي على نظرة مني بس اضايقتي ليه لما قولت عليكي الكلام ده أنا اراهن بالعشرة إنك منى عينك ده يحصل بينا !
لم تخجلها وقاحته ولما تدهشها كثيرا ولكنها هيجت عواصفها وبرزت عن مخالبها القوية هي تعرف أنه لم يتمكن من فعل شيء مما يقوله ولكن مجرد القول يثيرها بالكامل هذا الفاسق يتحدث وكأنها فتاة من الشارع وليست ابنة عمه الذي كان يتحدث معه بالداخل ويجلس معه على طاولة واحدة فلم ترد على انحطاطه بالكلمات
بل بيدها التي هوت على وجنته بقسۏة وهي تهتف باشمئزاز
حيوان صحيح ومش راجل عرفت إن اللي بعمله فيك تستاهله ولسا هتشوف مني ياحسن عشان أنا مبسبش حقي
ثم دفعته من أمامها واندفعت للخارج وتركت العنان لدموعها المريرة والمنكسرة نزلت الدموع حاړقة كالنيران فقلبها يتحرق من حبه وهو وغد لا يستحق عشقها له فقط يستحق الكره وهي تفشل في اعطائه الكره فكل ما تفعله به هو بدافع عشقها لها وتضعه تحت راية انتقامها انتقامها الكاذب !!
متكورة في
إحدى زوايا المنزل بجانب الحائط ومجهشة بالبكاء العڼيف مع حرصها على عدم وصول صوت بكائها لأذن أمها المړيضة تركهم أخيه فجأة ووالدتها بين الحياة والمۏت حالتها الصحية تزداد سوءا مع مرور الوقت منذ فجيعة أخيها أن تركتها هي أيضا فحتما ستلحق بهم لم يتبقى لها سواها وبدونها ستصبح وحيدة بلا عائلة أو ملجأ ستصبح كالطائر الذي بلا عش وتأخذه الرياح وتلقي به حيثما تريد ! اليوم هو الخامس منذ ۏفاته وسئمت من التظاهر بالقوة الثبات وهي في أشد الحاجة للصړاخ والبكاء في امس الحاجة لإخراج الألم الذي يأكل ويفتت قلبها ولكنها تتحمل من أجل والدتها وتفرغ عن ما في فؤداها ببكائها المنخفض والمتخفي بعيدا عنها !!
أخرجها من موجة بكائها صوت رنين الباب فوثبت واقفة وجففت دموعها عن وجنتيها ولكن لا يزال أثر البكاء في عيناها ارتدت حجابها ثم توجهت وفتحت الباب بتلهف بعد أن توقعت من الطارق فنظر هو لها وقال بقلق
بقت كويسة
أجفلت نظرها أرضا وهزت رأسها بالرفض في مرارة وأعين تستعد بالانفجار مجددا فهمس هو بإحراج وارتباك
وليه العياط ده كله إن شاء الله هتبقى كويسة قوليلها بس إني جيت عشان ادخل اتكلم معاها
أماءت له وبسطت يدها تسمح له بالدخول فدخل هو على استحياء وجففت دموعها وتوجهت لوالدتها التي اشرقت من السعادة لعلمها بقدومه وخرجت لتخبره بأنه تنتظره فطلب منها أن تلحقه بالطعام والدواء خاصتها
فتح الباب بعد أن طرقه بلطف ودخل فاستقبلته هي بابتسامة مشرقة وسعيدة ليقترب هو بعد أن بادلها الابتسامة العذبة وجذب مقعد وجلس قبالتها مغمغما برقة تليق بصوته الرجولي
كدا برضوا تقلقينا عليكي يا
أمي
التقطت الورقة والقلم وبدأت تدون له ما تود قوله ! فقد فقدت قدرتها على التحدث نتيجة لصډمتها بخبر ۏفاة وحيدها فأخذ من يدها الورقة وقرأ ما كتبت عليها والذي كان كالآتي مجيتش ليه امبارح
فأظهر الأسى والتأسف وتمتم باحترام
أنا آسف حقك عليا كان معايا شغل كتير خالص والله ورجعت متأخر فمكنش ينفع اجيلكم
أماءت له مبتسمة كدليل على مسامحتها له ورتبت على كفه بحنو دخلت في هذه اللحظة شفق واتبسمت براحة حينما رأت سعادة والدتها وتأكدت أنها لم تخطىء عندما طلبت منه المساعدة أما الأم فقد عادت تكتب من جديد أنا حلمت بسيف امبارح
قرأ
ما كتبته وحارب عيناه التي كادت إن تدمع ثم رفع نظره لها ورسم ابتسامة حانية على ثغره متشدقا
وقالك إيه
بدأت تكتب الحلم بالتفصيل في الورقة ودموعها تنهمر في صمت كنا بنتغدي وكنت إنت معانا وأنا كنت لابسة أسود أنا وشفق فهو اضايق وقلنا ليه لابسين اسود وطلب مننا نلبس الوان ولما بصلك ولقيك قاعد ساكت وزعلان خالص حط ايده على كتفك وابتسم زي كأنه بيقولك متزعلش وبعدين قالك وهو شبه مضايق إنت مش فرحان ليا ولا إيه !
قرأ الورقة وتلاشت ابتسامته لتحل محلها التوجع والحزن ولم يتمكن من حجب دموعه ففرت من عيناه دمعة متمردة واسرع بمسحها فقد آلمه قلبه كثيرا بعد رسالته له الذي يخبره فيها بوضوح أن حزنه أو حزنهم جميعا على ۏفاته أصبح يألمه ويعذبه رفع نظره لها وأمسك بيدها يملس عليها بحنو وبابتسامة مريرة ثم أردف بخفوت
طيب وأهو جالك بنفسه وقالك إنه مضايق ولما يلاقيكي مش بتاخدي علاجك ومش عايزة تاكلي وبتعيطي كدا هيضايق أكتر يلا كلي وخدي العلاج مينفعش تقعدي كدا
اقتربت شفق منها وجلست على الفراش وهي تمد لها الطعام بتوسل
يلا يا ماما عشان خاطري كلي
أمام إصرارهم استسلمت أخيرا وبدأت في تناول الطعام من يده ابنتها
التي كانت تختلس النظر إليه خفية وهو شارد بشجن في الورقة التي لا تعرف مضمونها حتى الآن
متابعة القراءة