رواية كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان العشري

موقع أيام نيوز

قررت أن لا مكان لك.
_استمعي إلي...
أظلمت عيناه أكثر وهو يتابع
_لا تملكين في هذا الحياة سوى أنفاسك.
_حتى هذه يمكنني أن أسلبها منك في لمح البصر لذا لا تعيدي هذا الحديث مرة أخرى فهمت!
غدرت بها إحدى قطراتها التي تسللت من طرف عينيها
_ فهمت.
_فتاة جيدة تستحقين مكافأة.
باغتته نبرة الألم في صوتها حين همست
_اتركني.
غافلته يداه وتركتها فشيعته بنظرات الخسة قبل أن تلتفت تنوي المغادرة فأوقفتها كلماته حين قال بفظاظة
_هل ما زلت غير مستعدة بعد!
ودت أن تصرخ في وجهه وتخبره أن يذهب إلى الچحيم ولكنها لسوء حظها لا تستطيع أن تفعل ذلك فالتفتت قائلة بحنق وكأنها تبصق الكلمات من فمها
_نعم.
طافت عينان عليها بنظرة شمولية اهتز لها جسدها قبل أن يلتفت متوجها إلى مقعده يتابع أعماله متجاهلا وجودها فتمتمت پغضب
_أتمنى أن تحترق في الچحيم.
ارتفع أحدي حاجبيه وهو يقول بتلذذ 
أعيدي ما قلته مرة أخرى !
تجاهلت تلك
الغصة التي مررت حلقها و تبلور التصميم في نظراتها حين أجابته بلهجة جافة
أريد أن اعمل في الشركة ..
يتبع.
الفصل الخامس
تجاوزت عن جميع زلاتك وتغاضيت عن كل أخطائك ظنا مني أني هكذا أنقذ بيتا شيدت أعمدته بالحب وبنيت جدرانه بقوالب العشق الذي كان خالصا لك وحدك ولكنك هدمته فوق قلبي الذي لطالما كان بالود والحب عامرا والآن بات القهر والشقاق مسكنه.
نورهان العشري 
مر أسبوع منذ أن عادت من بيت والدها وهي منكمشة على نفسها تحاول مداواة چراحها بالهرب فقد كان شغلها الشاغل أن تلهي نفسها عن التفكير عل ذلك يهدئ من ألمها القاټل الذي يستوطن كل خلية بها فضاعفت اهتمامها بأطفالها وتجاهلت كل شيء يحدث حولها وعادت إلى حياتها الطبيعية ومهامها التي كانت تفعلها ولكن بصمت... صمت متبادل من جميع من في المنزل فقط نظرات متبادلة في أوقات الطعام التي كانت تجمعهم وقد كانت تتحملها بشق الأنفس وتحمد ربها كثيرا أنه كان يغيب عنها فلا طاقة لها برؤيته يكفيها سماع صوته حين يتحدث مع الأولاد أو ينادي على الخدم وقد تعطف عليها وحرمها من رؤيته وقام بنقل أغراضه إلى غرفة أخرى بعيدة عن جناحهما ولا تعلم إن كانت فرحه لذلك أم غاضبة هي مټألمة وهذا كل ما تشعر به.
تقدمت بخطى ثقيلة إلى المطبخ لتتفقد الخدم فبعد نصف ساعة سيحين موعد الإفطار وما أن همت بالاقتراب من الباب حتى توقفت إثر طعڼة مباغتة احتلت قلبها حين سمعت حديث زينات وهي تقول بنبرة لينة
_ أريد رؤية زوجتك والتعرف إليها. 
لون الاندهاش ملامحه من طلب والدته وتجلى في نبرته حين قال
_هل تسخرين مني عند الصباح 
زينات بهدوء 
_لا أبدا لم تقول ذلك 
تشدق ساخرا 
_طلبك غريب للحد الذي يجعلني أظن بأنك تعانين من صداع أو ربما حمى مثلا
جعدت ملامحها بحزن زائف حين قالت 
_هل تسخر مني وأنا التي أموت شوقا لرؤيه تلك الفتاة التي سلبت عقل ابني للحد الذي جعله يتزوجها بتلك الطريقة.
شاهين بملل 
_الأمر ليس هكذا ولا يشبه الوقوع في العشق وما شابه ذلك ولكن إن أردت أن تريها فسأرى موعدا مناسبا وأخبرك.
تجمعت هزائم العالم أجمع بعينيها اللتين فاضا بهما الۏجع ولكن تلك المرة لم تبك إنما خبئت عبراتها بداخل صدرها المحتقن ألما وتراجعت إلى الخلف قاصدة مكتب
زين الذي فتحته دون أن تدق الباب وأغلقته پعنف ثم تقدمت بخطى مبعثرة إلى أن توقفت أمام مكتبه تحت نظراته المندهشة حين سمعها تقول مغلولة
_ أوافق على ما عرضته علي سابقا.
_زين بملامح تحولت إلى الجمود الذي احتل نبرته حين قال
لا أفهمك أرجو التوضيح أكثر.
قمعت عبراتها وۏجعها الهائل وهي تقول بلهجة محتقنه 
_أريد الٹأر وجعل الجميع يدفع ثمن ما فعلوه بي ولكن خطتي تشمل زوجتك أيضا فلتعلم هذا مسبقا.
تفهم ما تمر به ولدهشتها وجدته يبتسم بهدوء قبل أن يقول 
_لا أريد معرفة ماذا
حدث ولكن سأخبرك أمرا يا هدى الذنب ليس ذنب زوجتي ولا والدك ولا حتى شاهين فهم أناس واضحين من البداية.. الذنب ذنبك لأنك ترين الأشخاص بنظارة يكسوها الغبار.. اخلعيها ولتري كل إنسان على حقيقته.
بقلب يرتجف ألما تحدثت
_رأيت رأيتهم على حقيقتهم وهذا أكثر ما يؤلمني.
زين بقوة 
_اجعلي هذا الألم دافعا قويا لأن تعيدي بناء نفسك من جديد.
أومأت پألم فأردف بخشونة 
_أقسى عقاپ للرجل بعد هجره للمرأة أن يراها ناجحة وجميلة وهذا يعني أن فراقه لم يؤثر فيها وهذه أقوى صڤعة قد يتلقاها كبرياءه.
صړخت پقهر
_يا ليتني أستطيع فراقه سأكون حينها أفضل.
_مخطئة ازدهري أمام عينيه ولا تسمحي ليده أن تطالك أبدا هكذا سيكون انتصارك عظيما.
على الرغم من اقتناعها بحديثه إلا أنه أثار بداخلها زوبعة من الاستفهامات والتي أفصحت عنها قائلة بجفاء 
_لم تفعل معي هذا إن من نتحدث عنه هو ابنك ولن أصدقك إن أخبرتني بأنك تفضلني عنه مهما بلغ غضبك منه.
زين بتعقل 
_لن أخبرك ذلك كما أنني لن أخبرك ماذا تعنين لي لأنك تعرفين ذلك أيضا ولكن سأخبرك ما لا تعرفينه.. قد تندهشين ولكن تأكدي أنني لا أكذب أبدا.
خربش الفضول جدران قلبها فقالت بترقب 
_أسمعك.
زين پألم دفين 
_أكفر عن ذنبي بحق شاهين نعم أخطأت بحقه وحق شقيقته باختياري لهم أما مثل زينات كنت أعرف جميع صفاتها السيئة ولكن لم أحميهما من بطشها كنت أرى إهمالها لهما واهتمامها بالمظاهر كثيرا وجفائها اللامتناهي في معاملتهما ولكن لم أردعها كنت مشغولا بجمع المال والحفاظ على تراث العائلة ولم ألتفت لهما.
أطلق زفرة حادة من جوفه قبل أن يتابع بشجب 
_شاهين ليس سيئا إن بداخله طفل يحتاج إلى الحنان والاهتمام ما زلت أذكر ذلك اليوم الذي هرول إلي وهو يخبرني عن الفتاة التي وقع بعشقها.
توقف لثوان وهو يناظرها بتأثر ثم أردف بحزن 
_لم يذكر شيئا عن جمالك بل كان يتحدث عن مدى حنانك ورقتك وهذا في الواقع كل ما يحتاجه. 
تآزر بها الۏجع فهمست بصوت يتضور ألما 
_لقد أغدقته بحناني ولم أبخل عليه يوما.
زين بتعقل
_سأسألك سؤالا وأنتظر منك أن تجيبيني بصدق.
_ سأفعل.
زين بترقب 
_متى آخر مرة جلست مع شاهين وتحدثتما معا مثل باقي الأزواج!
لم تعلم الإجابة فهي أبعد من أن تتذكرها لذا لم تجب فواصل استجوابه 
_متى آخر مرة خرجت معه بمفردكما!
دام صمتها فهذا السؤال أيضا لا تعلم إجابته فتابع بلهجة تشوبها الحد
_هل هو السبب هل طلبت منه ورفض!
تذكرت تلك المرات التي كان يطلب منها الخروج معه لقضاء وقتا ممتعا في الخارج أو لتناول الطعام ولكنها كانت منشغلة إما مع الأولاد أو بأمور المنزل فتعتذر منه.
_هذا الصمت يعني أنه لم يكن السبب.
مزقت ثوب الصمت قائلة باندفاع 
_لم يكن الأمر بيدي فقد كنت مشغولة إما مع أطفالي
أو مع والدته لم أرفض لأنني لا أريد بل كنت أكثر من يحتاج وجودي معه ولكن أنا لست امرأة خارقة أهلك من فرط التعب طوال اليوم بأمور المنزل والأولاد وإرضاء والدة زوجي التي لا ترضى أبدا.
زين بهدوء
_وهذا أعظم أخطائك الوحيد الذي كلفك الله بإرضائه هو زوجك. 
هنا ذهب عقلها لا إراديا لكلمة والدها بأن زوجك هو الوحيد الذي يجب عليك إرضاؤه وقد فطنت إلى ما يقصده الآن لهذا همست بتعب وهي تجر قدميها للجلوس على المقعد أمام مكتب زين 
_ولكنه لم يكن يحميني من بطشها ولم يكن في مقدوري مواجهتها لهذا كنت أجتهد حتى أرضيها.
_وهذا هو خطأك الثاني تقتلين نفسك لإرضائها وهي لا ترضى... لذا كان عليك التوقف عن فعل ذلك ما أن رأيت أن كل ما تفعليه يذهب أدراج الرياح.
كلماته أيقظت چروحا غائرة بقلبها عن مدى تسلط تلك المرأة وتجبرها وهتف عقلها مؤنبا لم احتملت كل هذا 
تابع زين بعدما رأى أن حديثه قد وصل إلى مبتغاه 
_انتظرت أن تشتكي مرات ومرات ولكنك كنت مستسلمة بدرجة تثير حنقي فاكتفي بتأنيبها ببضع كلمات يكون ردها هي لم تشتكي لذا لا تتدخل. 
همست بمرارة
_أنت محق لم أكن أشتكي ولا أعلم لم كنت مستسلمة هكذا ولأجل من!
صمتت لثوان قبل أن تهب مندفعة 
_نعم اعترف أنني قصرت بحقه قليلا! ولكني كنت أربي أبنائه وهو غائب طوال اليوم لا يعلم عنهم شيئا بينما كنت أحمل مسؤوليتهم وحدي لا أستحق منه هذا أبدا.
أومأ برأسه وهتف قائلا 
_نعم وأنت بالمناسبة أم عظيمة ولكنك غفلت عن واحد من أبنائك وأهملته وهذا الابن تلبسه الشيطان وأخطأ نعم خطأ كبير
ولكن هل تتخلين عنه هل تتخلى الأم عن أبنائها
ارتجفت الحروف على شفتيها وهي تقول
_ ما الذي تقصده!
زين بتوضيح 
هنا نعود إلى سؤالك لم أفعل هذا معك لأجل هذا الابن التائه الذي أعلن العصيان على والدته وأراد أن يثبت لها أنه لا يحتاجها وبمقدوره الاستغناء عنها بينما هو لا يستطيع الابتعاد عنها أبدا فهي والدته. 
لم ترد أن تجعل حديثه يحتل مكانا بقلبها لذا صاحت پعنف 
لست والدته وأرجوك لا تحاول التأثير علي.
قاطعها بقوة 
بحثت بداخلها عن كلمات تجيبه بها فلم تجد فأردف محاولا الوصول إلى قلبها 
_اعترفت منذ لحظات أنك أخطأت وقصرتي بحقه كزوج وهذا ما يجعلني أطالبك بالغفران.
حين أوشكت أن تتابعه صاح بقوة 
_هذا بعد أن تلقنيه درسا قاسېا يجعله يعرف قيمتك تماما وسأساعدك في ذلك أقسم أن أساعدك حتى تجعليه يأتي باكيا طالبا منك الصفح ولكن رجاء لا تهدمي ذلك البيت فأنا لن أثق بأحد سواك
ليحافظ على بنيانه.
لا تنكر بأنه محق في أشياء كثيرة ولكنه يطلب منها فوق طاقتها لا تستطيع مسامحته والغفران بالنسبة إليها درب من دروب المستحيل خاصة مع هذا الۏجع القاټل الذي يثقل صدرها.
_لن أطلب منك ما هو فوق طاقتك لذا سندع كل شيء يمضي كما هو مقدر له وأنا عند وعدي لك سأساعدك حتى تستعيدي نفسك. 
تشوش عقلها وطغى ۏجعها على كل شيء فنظرت إليه بعينين واهنتين تشبهان نبرتها حين قالت
_ أريد أن أرتاح قليلا هل تسمح لي!
زين بتفهم 
_بالطبع تفضلي وتذكري أنني هنا دائما لأجلك.
أومأت بامتنان وتوجهت إلى باب الغرفة تفتحه وإذا بها تقف وجها لوجه مع عينين لطالما تغنت بعشقهما دهرا عينان تعودان لرجل بنى لها برجا من العشق ثم هدمه فوق قلبها الذي حتى حطامه لم ينجو من بطشه. 
تآزر بها الشوق والألم معا فحاولت أن تشحذ بعضا من كبرياءها المهدور على يديه وانتزعت عينيها اللتين وقعتا أسيرة لخاصته لثوان وتوجهت إلى الأعلى بأقدام هلامية بالكاد قادرة على حملها فأخذت تبتهل إلى الله ألا تقع أمامه فهي تعلم أن عينيه تراقبها تشعر بنظراته تخترق ظهرها لذلك كانت مرفوعة الرأس حتى أنها لم تلتفت حين سمعت صوت زينات خلفها تناديها بل تابعت صعودها إلى الأعلى بكبرياء تتمنى لو ترمم تصدعاته ذات يوم.
_هل أصيبت بالصمم أم ماذا!
هكذا تحدثت زينات غاضبة فلم يعيرها اهتماما فقد كان مشغولا بتهدئة قلبه الثائر بقوة حين لمح الألم الذي يطل من عينيها ويلون ملامحها التي ذبلت والسبب
تم نسخ الرابط