بقلم ندي محمود
المحتويات
متقلقش
واقفة عندك كدا ليه روحي جيبي اللي قولتي عليه ده
جزت على أسنانها وسط ابتسامتها المزيفة وأماءت برأسها في الموافقة ثم استدارت وفتحت الباب لتخرج وتغلقه خلفها وقفت خلفه وقالت بقرف واغتياظ
أما
ست تنكة بصحيح ومتتنكش علينا ليه بعد الكعب اللي لبساه في رجلها ده أنا لو زوزا لبستهولها الولية يجيلها تشنجات في عضلات رجلها
مين البنت البيئة دي !
احتدمت نظرة آدم ليجيب على والدته پغضب بسيط
ماما من فضلك مهرة شغالة في الشركة هنا ولما ترجع
بلاش تتصرفي معاها بطريقة مش لطيفة
هتفت أسمهان منفعلة
وهي إيه عمية مش بتشوف عشان تكب القهوة عليك
بتلك اللحظة تحديدا عادت مهرة وهي تمسك بيدها علبة صغيرة بداخلها أنبوبة مرهم مضاد للحروق ولسوء الحظ أنها سمعت جملة أسمهان الأخيرة فضغطت على العلبة بقوة حتى كادت أن تفعصها تماما كما ترغب في فعله بتلك المرأة لاحظ آدم الوضع فمد كفه لها هاتفا بنظرة ذات معنى ضاغطا على حروف الكلمات
تقدمت ووضعته في كفه دون أن تنظر له وعيناها عالقة على أسمهان التي عادت تتحدث من جديد تقول بفظاظة متجاهلة تنبيه ابنها منذ قليل
مش تخلي بالك وإنتي بتحطي القهوة ولا اتعميتي
أنا اتعميت ! لا بعيد الشړ عني ان شاء الله عدويني
تجاهلتها أسمهان وجذبت الأنبوبة من يد ابنها وتولت هي مهمة تهدئة التهاب حرقه بوضع المرهم فوقه وكان آدم يمسح على وجهه متأففا بخنق حتى سمع صوت طرق الباب ومن بعده دخل أحدهم وهو يمسك بيده القميص الذي طلبه فأسرعت مهرة تجذبه من يده هاتفة
هز آدم رأسه للرجل بإيجاب كإشارة له أن يرحل وفور رحيله التفتت مهرة تجاه آدم وناولته القميص متمتمة
اتفضل يا آدم بيه القميص متقلعهوش تاني بقى هااا
ثم تمتمت بخفوت بينها وبين نفسها لكن صوتها وصل إليه فجعله يبتسم بعفوية
هي كانت أول وآخر مرة اجبلك قهوة فيها أصلا
رأت ابتسامته فارتبكت واشاحت بوجهها عنه سريعا بينما أسمهان فرفعت نظرها لها وهتفت بحزم
التفتت مهرة توليهم ظهرها وترفع يدها مغلقة قبضتها بغيظ وتهمس مستنكرة في صوت غير مسموع
بتفرج على جمالك
ثم اندفعت نحو الباب وقبل أن تفتحه وتنصرف التفتت برأسها تجاه آدم وابتسمت بغيظ وبعيناها تشير على القميص ويديها تحركهم فوق كتفيها بمعنى أن يرتديه ثم تلقى أخيرا نظرة مشټعلة على أسمهان فتجده يهتف في حدة بدت لها حقيقية بمجرد ملاحظته لنظراتها المغتاظة لأمه
ودون أن تنظر له فتحت الباب وانصرفت فترتفع الابتسامة المغلوبة فوق شفتيه ويتابع بعيناه
أمه وهي تعالجه بلطف وحنو
فتحت نادين باب غرفتها وخرجت وقبل أن تخطو خطوة واحدة رأت باب الغرفة المقابلة لها ينفتح توترت للحظة وبسرعة همت بأن تذهب لكن تسمرت بأرضها على أثر همسته الرخيمة
نادين !
كدبتي عليا ليه وقولتلي إنه راجل في الأول مش واحدة صحبتك !
أسفل نظراته واقترابه منها ذلك الماكر لن يتوقف أبدا عن الاقتراب منها يعلم أن قربه يبعثرها ويفعلها عمدا حتى يتلذذ بخجلها واضطرابها
حين لم يحصل على الرد منها غمغم بنبرة رجولية ساحرة
عشان تخليني اغير مش كدا
تمالكت أعصابها المرتبكة وردت عليه بثبات متصنع وابتسامة غير مبالية
هو الحقيقة كانت الفكرة للخالة فاطمة هي اللي اقترحت سوي هيك وأنا حبيت الفكرة وقلت يعني بتسلي شوى وبعصبك ما توقعت إنك تكون بتغير عليا عن جد
ابتسم باستنكار وتقدم بقدمه خطوة منها جعلها ترتد للخلف بشكل لا إرادي وغمغم
كانت فكرة خالتي ! ومتوقعتيش إني بغير ! هو إنتي شيفاني عبيط يانادين عشان اصدق الكلام ده !!!
هزت رأسها بالنفي في عفوية وعلى شفتيها المزينة بأحمر شفاه ابتسامة متوترة ثم خرج صوتها المبعثر تماما كخطواتها في التراجع ونظراتها
والله كانت فكرتها إذا مو مصدق أسألها
زادت ابتسامته في الاتساع وهو يمعن النظر بها في غرام مستمتعا بخجلها وتوترها لا يعرف كيف أثرته بذلك الشكل دون أن يشعر لكنه متيقن من حقيقة واحدة إنها أصبحت خطړا عليه
هدر حاتم بمشاكسة
يعترف للمرة الثانية
اممم طيب وبما إنك عرفتي إن بغير عليكي وغيرتي وحشة زي ما شوفتي فمتكرريهاش تاني
وسط الأجواء المضطربة التي تهيمن عليها وعلى الحديث بينهم إلا أن ما قاله دفعها تلقائيا للابتسام في خجل وسعادة جعلت قلبها يتراقص
پجنون
أصدرت زفيرا متنهدة براحة وهي تراه يخرج منديلا من جيبه ويضعه في كف يدها هامسا بلهجة لم تكن آمرة لكنها حازمة
ياريت تمسحي الروچ ده كمان متطلعيش بيه
وباللحظة التالية كان يحرر ذراعها ويسير مبتعدا عنها فرفعت يدها تضعها فوق قلبها الذي ينبض پعنف وتتنفس الصعداء بارتياح هامسة
وليش ما قلت هاد الكلام من الأول لك وقفت قلبي ياغبي !
في مساء ذلك اليوم
عاد للمنزل بعد يوم طويل ومرهق قضاه بالعمل تفقد غرفة ابنته أولا كعادته ليجدها نائمة في فراشها بثبات عميق ثم اتجه لغرفته وبيده ينزع السترة السوداء عنه دخل ورآها متدثرة في الفراش مولية ظهرها للباب فظنها هي الأخرى نائمة علق سترته وشرع في فك إزرار قميصه حتى انتهى وقبل أن يخلعه عنه تماما اقترب وجلس على حافة الفراش من
الجهة المعاكسة لها ورفع يده لينزع ساعته ويضعها على الطاولة الصغيرة بجوار الفراش ثم قوص ذراعيه ليهم بنزع قميصه لكن أوقفه صوت الأنين الضعيف المنبعث منها غضن حاجبيه باستغراب وسكن دون حراك للحظات يتأكد من الأنين الذي سمعه عله يكون قد هيأ له لكنها عادت تأن پألم مكتوم من جديد
الټفت بجسده فورا لها ثم صعد جيدا فوق الفراش ينحنى عليها من الخلف ويبعد خصلات شعرها عن وجهها متمتما
جلنار إنتي كويسة جلنار !
جلنار افتحى عينك وردي عليا جلنار متقلقنيش ردي عليا
سمع همسا ضعيفا منها دون أن تفتح عيناها
مش قادرة افتح عيني ياعدنان تعبانة
استمرت أنامله في التجول فوق وجنتها الساخنة ويجيبها بحيرة
إيه اللي حصل مرة واحدة ما إنتي كنتي زي الفل الصبح قبل ما اطلع
ابعد يده والټفت برأسه يمد ذراعه ليتلقط هاتفه ويهدر باهتمام ملحوظ في نبرته
هتصل بالدكتور
احس بلمستها الضعيفة فوق كف يده الآخر تقول بخفوت متعب
لا متتصلش ملوش لزمة أنا هبقى كويسة
احتضن كفها الناعم بين قبضته وهتف بصرامة ولهجة لا
تقبل النقاش
ملوش لزمة إزاي يعني هو أنا هستني لما تبقى كويسة واسيبك تعبانة كدا
فعثر على رداء طويل وبأكمام طويلة ومحتشم لا يظهر شيء من الجسد أخرجه وعاد لها مجددا يهتف في لطف
قومي يلا غيري هدومك عشان الدكتور في الطريق
لا لا لا مش قادرة أقف
أنا هساعدك يلا معلش استحملي دقيقتين
تطلعت إليه بأعين واهنة وقالت بصوت مدهوش
هتساعدني إزاي لا خلاص اطلع برا وأنا هعرف اغير وحدي
مد يده يبعد خصلاتها عن عيناها ويهدر شبه ضاحكا
مش وقت عند خالص يارمانتي مټخافيش هغمض عيني
كذاب !
تنهد بيأس ثم اغمض عيناه وفوق شفتيه ابتسامة جذابة ليجيبها
أهو حلو كدا
جلنار بخفوت لعدم قدرتها على الكلام
عارف لو طلعت بتكذب عليا وشايف مش هكلمك بجد المرة دي ومش هسامحك
تمتم بصوت منخفض وهو يضحك بعبث ووقاحة
على أساس هشوف حاجة جديدة يعني !
لكزته بضعف في كتفه بعدما سمعته وقالت بغيظ
قولت إيه ياوقح !
ولا حاجة اخلصي احسن افتح عيني بجد قولتلك مش شايف
دققت النظر به للحظات في عدم ثقة لكن بالأخير استسلمت فهي للأسف لا تقوي على الوقوف ولولا
فتح عيناه بعدما انتهت وحملها ثم وضعها فوق الفراش برفق ودثرها بالغطاء دفعته بعيدا عنها فورا قبل أن تفتح فمها وتغطيه بكفيها تعطس عدة مرات متتالية ثم خرجت همسة ضعيفة منها بعدما توقفت عن العطس
الحمدلله
ابتسم وانحنى يطبع قبلة دافئة فوق جبهتها مجيبا
يرحمكم الله
سمعت صوت رنين الباب فاعتدلت هي في نومها وجلست نصف جلسة تستند بظهرها على ظهر الفراش بينما هو فخرج حتى يفتح للطبيب
اختفى من الغرفة فور رحيل الطبيب تركها وغادر ولا تعرف ماذا يفعل لكن هناك اصواتا خاڤتة تلتقطها أذنيها وترجح أن الأصوات منبعثة من المطبخ
ضيقت عيناها بحيرة واحست أن فضولها سيقتلها أن لم تذهب وترى ماذا يفعل نزلت من الفراش وسارت للخارج في خطوات بطيئة وضعيفة مستندة بكفها على الحائط وهي تسير فحرارتها المرتفعة أضعفت جسدها وانهكته فلا تقوى على الوقوف والسير بخفة كطبيعتها
وصلت أخيرا للمطبخ فاتسعت عيناها بدهشة وتجمدت بأرضها تحدق به في ريبة يقف ويقوم بتقطيع الخضروات في مهارة بحركات متقنة هي نفسها لا تحسن امساك السکين بهذا الاحتراف يديه سريعة في التحضير والطبخ لم تكن تظن أبدا أنه يحسن تحضير الأكل بهذا الشكل !
انتفضت على أثر صوته الذي خرج هادئا دون أن يلتفت لها
روحي ارتاحي في السرير وأنا دقايق وهاجي وراكي
جلنار بتعجب
إنت بتعمل إيه !
روحي ياجلنار وهتعرفي لما آجي
فوق يديه رمشت بعيناها عدة مرات في ذهول ظلت تتابعه بملامح وجه متجمدة حتى رأته يجلس ويضع الطعام في المنتصف بينهم استمرت في التحديق لحظة بالطعام ولحظة به حتى هتف هو متعجبا
في إيه كلي !
جلنار مشيرة للطعام بسبابتها في دهشة
إنت عملت الأكل ده عشاني !!!!
امال عشان مين يعني !
اعتقدت أنه يعد الطعام لنفسه لم تتوقع أبدا أنه لها فظهر شبح ابتسامة رقيقة فوق شفتيها لكنها قالت برفض
شكرا بس أنا مش قادرة أكل والله ومليش نفس
رأته يبتسم بطريقة مريبة ويمسح على وجهه مطلقا زفيرا حارا وكانت حركته القادمة أشدهم دهشة حيث وجدته يمسك بالمعلقة ويملأها بالحساء ثم يرفعها لفمها يحثها بنظراته الحازمة أن تأكل لكنها أمسكت منه المعلقة وانزلتها في الصحن مرة أخرى تهتف في دهشة
عدنان في إيه مالك إنت مش طبيعي !!
عاد يمسك بالمعلقة من جديد ويقول مبتسما ببساطة
ولهجة آمرة
أنا هبقى مش طبيعي فعلا لو مكلتيش يلا كلي
من يده وقالت
ميرسى خلاص أنا هكمل وحدي
لم يعترض وتركها على راحتها يشاهدها بتركيز وتأمل وهي تأكل مجبورة كل لحظة والآخرى ترفع أناملها لتبعد خصلاتها المتمردة عن عيناها وتعيدهم خلف أذنها وبالمرة الأخيرة سبقها هو وابعدهم بكامل اللطف والحنو فرفعت نظرها إليه تتابعه وهو يملس على شعرها ويبعده بأنامله توقفت المعلقة بالطريق قبل أن تصل لفمها من دهشتها بتصرفاته الغريبة والغير مألوفة بعد أن انتهى وسحب أنامله ابتلعت ريقها ورفعت المعلقة لفمها لكن وقف الطعام في حلقها فجعلت تسعل بقوة وحين تمكنت من أخذ أنفاسها قليلا رأت يده يمدها بكوب الماء هاتفا
خدي اشربي وكلي على مهلك
جذبت الكوب من يده بقوة في غيظ من تصرفاته التي لا تفهمها لا تزعجها بالعكس تماما لكن يستفزها كونها لا تفهم سبب
تحوله الجذري ارتشفت كوب الماء كله دفعة واحدة وانزلته ثم قالت بحدة
إنت عايز إيه بظبط !!
فهم ما تلمح إليه ومقصدها ليبتسم
متابعة القراءة