فارس
المحتويات
اوافق انا مش عارفه انت ليه مش مهتم
أخذ كفها من تحت وجنتها ووضعه بين راحتيه وقال بهدوء
مش عاوز حاجة تشغلك عنى وعن اهتمامك بيا لوحدى ومدام التاخير جاى من عند ربنا لوحده يبقى خلاص
حاولت أن تعترض ولكنه وضعه أصبعه على شفتاها وقال
أنت مش عارفة يا حبيبتى انا محتاج اهتمامك بيا قد أيه ومش عارفة أن تفرغك ليا بيحمينى من حاجات شكلها ايه
تقصد ايه
قبل يدها وقال مبتسما
مش قصدى حاجة كل الحكاية انى عاوزك تفضيلى أنا وبس وأنا ممنعتكيش من الخلفة ووقت ما ربنا يأذن هتحملى بلاش نستعجل
دخل فارس مكتبه مساءا فوجد الرجل صاحب القضية فى انتظاره صافحه معتذرا عن التأخير وأشار إليه بالجلوس جلس الرجل ثم نهض مرة أخرى
ووضع أمام فارس الاوراق التى طلبها ووضع فوقهم شيك بالأتعاب نظر فارس إلى المبلغ المدون أمامه ثم رفع رأسه للرجل وقال
قال الرجل بسرعة وبصوت يشبه البكاء
فلوس الدنيا كلها فدى ابنى وبعدين انا متفائل ان شاء الله لما تقابله هتتاكد أنه برىء أنا متأكد
نظر إليه فارس بإشفاق ومد يده بالشيك قائلا بحسم
معلش حضرتك خده ولو وافقت نبقى نتكلم فى حكاية الاتعاب دى بعدين أنا هروحله بكره على طول ان شاء الله يعنى الموضوع مش هيتاخر كتير
متقلقش يا فندم ان شاء الله خير
رفع الرجل يده إلى السماء وهو يقول بضعف
ربنا يسمع منك يابنتى
اقترب وائل منهما وقال للرجل مقدما له دنيا قائلا
دى الأستاذة دنيا مرات الدكتور فارس ومحامية معانا هنا
قالت دنيا باهتمام
نظر لها الرجل بتأثر وقال بامتنان
حقيقى يا أستاذة مش عارف اقولك ايه طمنتينى ربنا يطمن قلبك
قالت مؤكدة
إن شاء الله لما يرجع من الزيارة انا اللى هكلم حضرتك وأحدد مع حضرتك الأتعاب والمعاد اللى حضرتك هتجيلوا فيه
وبعدين يا وائل أنا قلقانه أوى أنا كل ده ولسه مش عارفة أيه اللى هيحصل نفرض رفضها فعلا
قال وائل بثقة
الأستاذ باسم مستنى منك مكالمة بعد ما
تعرفى قرار الدكتور فارس وساعتها هيقولك هيعمل ايه بالظبط
أطل بلال برأسة داخل مصلاها الصغير الذى أتخذته منذ زواجها مصلى خاص بها فى أحد أركان المنزل الصغيرة فوجدها تسبح بعد انتهاءها لتوها من صلاة الفجر أزاح الستار الذى وضعته عليه ليعطى الركن شىء من الخصوصية فلا يدخله أحدا سواها ولا يعبث أحد بمكتبتها الصغيرة فيه
لسه صاحية لغاية دلوقتى ليه مش قلتى هصلى وانام
بادلته همسا بهمس وهى تقول پسكينة
كل مرة بقول أذكار الصباح فى السرير بتروح عليا نومه قبل ما اخلصها فقلت اقولها هنا علشان كمان ابقى مركزة فيها
ثم أردفت متسائلة
مش قلت هتدى درس بعد الصلاة
ظهر الحزن على وجهه وهو يقول
درس الفجر أتمنع هو كمان مع الاسف
ثم أردف متهكما بسخرية حزينة
الرقاصة فى الكباريهات محدش بيقدر يمنعها من اللى بتعمله لكن أحنا لما نيجى نتكلم عن الله يمنعونا ويقفلوا المساجد بعد الصلاة على طول
ربتت على وجنته وقالت بهدوء
متزعلش نفسك كده يا حبيبى أنت ناسى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال
0 بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء
نظر لها وأطل الأسى من عينيه قائلا
أحنا بقينا غرب فى بلدنا يا عبير أول ما الواحد يربى لحيته يبتدى الاضطهاد ويبتدوا يحاصروه فى كل مكان فى المسجد وفى الشغل وفى كل حته تبتدى المضايقات كأن التأسى بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام بقت تهمة المفروض الواحد يتعاقب عليها
حاولت أن تضفى بعض من المرح عليه فغيرت مجرى الحديث وقالت مداعبة
قولى بقى ناوى تعمل ايه النهاردة فى فارس وعمرو
أستجاب لمداعبتها وأبتسم بمرح وقال
ناوى أدشدشهم طبعا
تحسست ذراعيه بإعجاب وهى تقول ضاحكة
أنا متأكده أنك هدشدهم بضمير
خلل أصابعه بين خصلات شعرها و همس فى أذنها قائلا
فكرتينى بالضمير الولاد لسه نايمين مش كده !
طيب هسيبكوا أنا شوية يا متر علشان تعرفوا تتكلموا
قال الضابط هذه العبارة وهو ينهض من خلف مكتبه ويأخذ هاتفه واتجه خارج مكتبة أنتظر فارس حتى خرج الضابط وأغلق الباب خلفه فالټفت إلى الشاب الذى وقف أمامه مطرقا برأسه فى حزن وقال وهو يشير له بالجلوس
أقعد يا هانى
جلس هانى ببطء وبدون أن يرفع رأسه أو ينطق ببنت شفة تفرس فيه فارس مليا وقرأ بسهولة تعبيرات الحزن والوجوم فى ملامحه الشاحبة المترقبة لايبدو عليه الإجرام أبدا على العكس تماما وجهه فيه من البراءة ما فيه حاول فارس أن يقرأ لغة جسده
فلكل جسد لغة من الممكن ان تكشف عن مكنونات مشاعره أثناء الحديث صمت فارس برهة من الوقت لكى يجعله يتوتر أكثر ويسهل استدراجه وقاطعا عنه أى اسلوب للمراوغة من الممكن أن يلجأ إليه ثم قال فجأة
أنا عارف أنك مكنش قدامك حل تانى !
رفع هانى رأسه بحذر ناظرا إلى فارس الذى مال للأمام مقتحما عينيه و تكلم وكأنه رآه يوم الحاډث رأى العين وأردف قائلا بثقة
كانت بتهددك كنت هتعمل أيه يعنى غير كده
حدق هانى فيه مندهشا وقال متعجبا
عرفت ازاى أنها كانت بتهددنى !
قال فارس بهدوء وتركيز
أحكيلى كل حاجة وانا هقولك عرفت ازاى
نظر له هانى وهو يفرك كفيه فى اضطراب وتوتر كبيرين وقال متلعثما
زى ما انت قلت مكنش فى أيدى حل تانى كانت عمالة تهددنى أنها تفضحنى فى كل حتة وتقول لابويا وانا خلاص كنت هتعين فى السلك الدبلوماسى وأى قلق كان هيحصل حواليا كان هيطير مني الشغلانة اللى كنت بحلم بيها طول عمرى
ثم بدأ فى البكاء وهو يرتعش قائلا
صدقنى أنا عمرى ما كنت احلم انى اعمل فيها كده بس هى اللى اضطرتنى
ډفن وجهه بين كفيه وهو يرتعش بقوة ويقول
أنا مكنش قصدى اموتها أنا كنت عاوزها تسقط بس وخلاص مكنتش اعرف انها ھتموت
سايره فارس فى الحديث وهو يربط على ساقه مهدئا وقال
أهدى بس يا هانى أهدى أنا فاهمك طبعا بس انت أيه اللى خلاك من الأول تعرف الاشكال دى يا أخى
جفف هانى دموعه ولكنه مازال يتلعثم وهو يتحدث من فرط الاضطراب فهذه أول مرة يعترف بها بما فعل وقال
كانت زميلتى فى الكلية وأعجبنا ببعض لحد ما صارحنا بعض بالحب وكنا متفقين أن محدش يعرف بعلاقتنا دلوقتى وكانت علاقتنا علاقة حب بريئة وبعد شويه صرحتنى أنها حكت لاختها الكبيرة وأختها كانت متفاهمة معاها حتى ساعات ساعات كانت بتخرج معانا وكانت متصورة كده أن علاقتنا بقت شبه رسمية وبقت مطمنة أكتر معايا
وبترفض لكن بعد ما اختها الكبيرة عرفت ورحبت وهى من ساعتها وهى معتبرة علاقتنا رسمية وجات قالتلى أنها حامل وفضلت شهر بحاله أحاول أتهرب منها
ألتقط أنفاسه بصعوبة وهو يتابع قائلا
لحد ما هددتنى وقالتلى انها هتفضحنى فى كل حته وتبلغ ابويا
أجهش فى البكاء عندما وصل لهذه النقطة وهو يقول
مفكرتش معرفتش أفكر فى حاجة غير أنى
اخلص من تهدديها بس مكنتش اقصد صدقنى
أغمض فارس عينيه پألم وقد تيقن من أدانته ها هو يتجسد أمامه مثالا لعقد الحړام عندما يقطع فتنفرط حباته حبة تلو الأخرى بسرعة كبيرة لا نستطيع اللحاق بها أو جمعها
تركه فارس يبكى ويعضه الندم على ما فعل حتى بدأ يهدأ ويسكن جسده المنتفض ثم قال
علشان كده أنكرت أنك تعرفها مش كده
رفع هانى كتفيه بحركة عصبية وهو يقول بأنفاس لاهثة
اومال كنت هعمل ايه كان لازم أنكر وكدبت الشهود اللى شافوا الحاډثة وكدبت أختها لما قالت انها تعرفنى خفت اقول الحقيقة خفت يعدمونى
أخذ فارس كفه وقبض عليه بقوة وهو ينظر له بصرامة قائلا
ومخفتش من ربنا ! إنت ممكن تاخد براءة وبعدين ټموت عادى فى بيتك
ثم وضع أصبعه على صدره وضغطه وهو يقول
هتروحله ازاى وانت مش هى عايشة وبس لاء وهى مېتة كمان
حدق فيه هانى فزعا وهو يقول منتفضا
وهى مېتة يعنى أيه
يعنى أهلها وصحابها وجيرانها وكل اللى يعرفوها عرفوا دلوقتى انها ماټت وهى حامل وهى مش متجوزة و بسببك انت
بدأت دموع هانى تنهمر بشدة وهتف صائحا
أنا تبت لربنا تبت وندمت وربنا هيقبل توبتى انا متأكد
وضع فارس يده على كتفه وهزه بقوة وهو يقول
ممكن ربنا يقبل توبتك اه لما تغلط فى حق نفسك وبس لكن أنت غلط فى حق أنسانه متعلقه فى رقبتك عمرها اللى راح هى واللى كان فى بطنها يعنى لازم تردلها حقها على الأقل خالص انك تعترف بغلطك وتتقبل العقۏبة بشجاعة مش تنكر وتقول توبت
دفع هانى يد فارس حانقا وقال
أنت عايز منى أيه أنت جاى تدافع عنى ولا جاى تلف حبل المشنقة حوالين رقبتى
هز فارس رأسه أسفا وهو يقول
يابنى أنا بنصحك لوجه الله علشان لما عمرك اللى متعرفش هيخلص أمتى ينتهى تروح لربك نضيف
قال عبارته الاخيرة وتركه وأتجه لباب الحجرة لينصرف فتح الباب وخرج وتركه وحيدا يشعر بظلام قلبه وروحه الآثمة الملوثة والمعذبة
بينما كانت أم فارس منشغلة فى المطبخ تعد طعام الغذاء سمعت طرقا خفيفا على باب الشقة فتركت ما فى يدها واتجهت لتفتح الباب أبتسمت وهى تنظر إلى مهرة التى وقفت على استحياء مطرقة برأسها وقالت
أهلا يا مهرة يا حبيبتى اتفضلى
قالت مهرة بخفوت وقد بلغ الخجل منها مبلغة
معلش يا
طنط مش هقدر أدخل
ثم ترددت قبل أن تقول
أنا بس كنت عاوزه اسأل على حاجة وهمشى على طول
جذبتها أم فارس من يدها وهى تقول
تعالى مفيش حد هنا غيرى
دخلت مهرة وأغلقت أم فارس الباب خلفها فوقفت خلفه ولم تتحرك خطوة واحدة وقالت بخجل
معلش يا طنط بجد مش هقدر أقعد
قالت أم فارس وهى تمسكها من يدها وتتجه للمطبخ
طب تعالى معايا فى المطبخ قوليلى اللى انت عايزاه أحسن الأكل هيتحرق
وضعت مهرة حقيبتها جانبا على المقعد المجاور للباب وتبعتها إلى المطبخ وقفت مهرة بجوارها تنظر إليها وهى تقلب الطعام فى الإنائين أشفقت عليها من المجهود اليومى التى تقوم به وحدها وبحركة تلقائية تناولت ملعقة خشبية كبيرة ووقفت تقلب الأرز مساعدة لها ثم قال
فى حاجة يا طنط عاوزه اسألك عليها بس خاېفة تقلقى
ألتفتت إليها أم فارس باهتمام وقالت
خير يا بنتى فى أيه
ظهرعلى وجهها الأضطراب والتوتر وهى تقول
بقالى كام يوم بحلم بكوابيس تخص الدكتور فارس وبقوم من
متابعة القراءة