فارس
المحتويات
مكتبه بينما دخل والد عبير وهو يبتسم له ويمد يده للمصافحة صافحه بلال بحرارة مرحبا بهم نظرت أم بلال إلى والد عبير تتفحص هيئته وطريقة حديثه ثم نظرت سريعا إلى الباب وهى تتابع دخول عبير متكأة على يد والدتها بنظرات متأملة متعمقة وتبادلت النظرات معهما ثم قالت لوالدتها
ألف سلامة ربنا يقومهالك بالسلامة يارب
الله يسلمك
قالت والدته وهى تعرف نفسها
انا أم الدكتور بلال
صافحتها أم عبير بابتسامة واسعة وحياها والدها مرحبا بيما قالت أم بلال وهى تنظر إليهم
الشرف لينا أنا مش هعطلكوا على الجلسة أنا أصلى نسيت الأدوات بتاعة الحجامة بتاعتى عند بلال وقلت انزل اخدها وطالعة على طول أصل أحنا شقتنا فوق المركز على طول
هو حضرتك بتعرفى تعملى حجامة ده انا وعبير بنتى كنا دايخين على حد بيعرف يعملها
نظرت عبير لوالدتها بدهشة فهى لم تسمعها يوما تسأل عن هذا الأمر مسبقا ولكنها آثرت السكوت وسمعت أم بلال تقول
تنورونى فى أى وقت
أيه رأيك تطلعولى بعد الجلسة لحد ما الحاج يروح يصلى العشا ويرجع نكون خلصنا
خلاص أتفقنا هنطلعلك بعد الجلسة على طول واهو لحد ما الحاج يروح يصلى العشاء مع الدكتور بلال
أبتسمت أم بلال وهى تنظر لأم عبير التى بادلتها النظرات وكأن كل منهما يتبادلان النظرات المشفرة التى لا يعلم معناها إلا هن فقط!
خرجت أم بلال تودعهم وأغلقت الباب خلفها بابتسامة كبيرة وهى تشعر انها قد حققت هدفا فى مرمى حياة ولدها المستقبلية جلست عبير على
أنت مبتسمعيش الكلام ليه
نظرت له نظرة خاطفة وقالت بقلق
يعنى ايه
تابع بنفس الجدية
انا مش قلت عاوزك تعتمدى على نفسك فى الحركه ومحدش يساعدك ليه شايفك داخلة دلوقتى متسندة على والدتك
ده دلوقتى بس لكن فى البيت لاء
أومأ برأسه ونهض من مكانه أحضر كرسيا آخر له مسند غير الذى تجلس عليه وقال بحزم
تعالى اقعدى هنا علشان نبدأ
شعرت عبير بصعوبة وهى تنهض بمفردها ولكن ليس هذا ما تشعر به فقط وليس هذا هو سبب توترها لا تعلم لماذا ترتجف عندما يتحدث إليها بشكل مباشر هل لأنها غير معتادة على أن رجل غريب يتحدث إليها بشكل مباشر أم لشىء آخر لا تعلمه !
كل حركة هعملها لازم تعملى زيها بالظبط
أومأت برأسها موافقة ورأته يرفع ساقه ويمدها أمامه ببطء شديد ويعيدها إلى مكانها ببطء مرة أخرى فشعرت أنها لن تستطيع فعل ذلك التمرين يبدو سهلا ولكنه بالنسبة لمن يعانى من كسر جديد فى قدمه فهو صعب للغاية
قال متابعا
يالا هتفردى رجلك ببطء على عشر تسبيحات وترجعيها مكانها تانى ببطء برضة على عشر تكبيرات أتفقنا
نظرت له بدهشة وقالت
ازاى يعنى
قال بابتسامة عذبة
يعنى ياستى بدل ما نقول نرفع رجلينا ببطء على عشر عدات أو عشر دقات لاء أحنا هنعمل التمرينات على ذكر الله وكده التمرينات يبقى فيها بركة وفى نفس الوقت أخدنا ثوابها
أبتسمت عبير من خلف نقابها وتبادلا أمها وأبيها النظرات وألتفتا مرة أخرى إلى الدكتور بلال وهو يقول
شوفى زى كده بالظبط
وبدء فى رفع ساقه ببطء قائلا
سبحان الله سبحان الله سبحان الله
ثم أعادها إلى حيث كانت مرة أخرى ببطء أيضا وهو يقول
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
جاهدت عبير لفعل ما أمرها به ولكنها كانت خجلة وهى تسبح وتكبر بصوت هامس وخجول
كان بلال يتابعها فى صمت وهو يستمع إلى صوت تسبيحها الهامس وتكبيرها الخفيض شعر بصوتها يسرى بداخله ويتغلل بين جنباته يسبح بين طيات قلبه بانسيابية ويسر أفاق من شروده على صوتها الخجول وهى تقول بأجهاد
خلصت يا دكتور أكرره تانى ولا خلاص
رفع رأسه لها منتبها ثم قال وهو ينهض مبتعدا
لاء هنكرره تانى
جلس خلف مكتبه وتركها تكرر التمرين وحدها وأخرج بعض الصور الملونة المطبوعة بحرفية وقدمها لوالدتها ووالدها قائلا
دى صور لبعض التمارين المهمة لازم تعملها بمساعدة حد فى الأول
نظر إلى والدتها قائلا
حضرتك ممكن تساعديها
بسهولة فى البيت والورق ده فيه كل الخطوات وهو سهل ان شاء الله
أنتهت الجلسة على وقت أذان العشاء ذهب بلال ووالد عبير إلى الصلاة بينما صعدت عبير وأمها إلى أم بلال التى كانت تنتظرهما فى شقتها وقبل أن يطرقوا الباب قالت عبير هامسة لوالدتها
هو فى ايه يا ماما من أمتى وانت بتحبى الحجامة
طرقت أمها الباب وهى تضغط على يدها قائلة
حبتها مالكيش دعوة
وضعت أم بلال أكواب العصير مرحبة بالزائرتين وبدأت فى وضع الكاسات الهوائية فى أماكن معينة فى جسد عبير وهى تتفحص وجهها وجسدها بنظرات خبيرة قائلة
ماشاء الله يا عبير انت زى القمر
أبتسمت عبير فى خجل ولم ترد فقالت أمها و قد لمعت عينيها بسعادة
عبير طول عمرها مهتمة بنفسها بس البتاع اللى حاطاه على وشها ده هو اللى مخلى محدش بيشوفها ولا يعرف شكلها ايه
قالت أم بلال وهى تضغط الكاسات الهوائية على قدم عبير
اللى يستحق يشوفها ويشوف جمالها هو اللى ربنا كاتبله يبقى جوزها مش الناس اللى ماشية فى الشارع يا ست أم عبير
ثم رفعت رأسها لعبير قائلة
يالا بقى علشان أعملك حجامة على ضهرك كمان بالمرة كده
أحمر وجهها وهى تقول بحياء
لا معلش يا طنط مش هينفع اقلع البلوزه
نظرت لها أمها بحدة وقالت آمره
دى ست زيك يا عبير هتكسفى من الستات برضه
هزت عبير رأسها وقالت معاندة
معلش بجد مش هينفع مقدرش والله
كادت أمها أن تعترض ولكن أم بلال منعتها قائلة بحسم
خلاص يا بنتى مفيش مشكلة لما نعرف بعض كويس مش هتتكسفى مني
أزالت الكاسات عن قدمها ومسحت بعض الډماء وهى تسمع أم عبير تقول متسائلة
هو اللى
بيعمل الحجامة دى لازم يكون متخصص
قالت أم بلال باهتمام
بلال هو اللى علمهالى بما أنه دكتور ساعتها قالى أن فى دورات بتتاخد فيها واللى بيدى الدورات دى دكاترة واللى بياخد الدورات دى بيبقى معاه شهادة معتمدة أنه عنده علم بيها لأن فى أماكن فى
الجسم خطړ أى حد كده يقرب منها لازم يكون دارس
بعد أنتهاء صلاة العشاء عدلت عبير هندامها ووضعت غطاء وجهها وأنتظرت حتى أنتهت الصلاة وانصرفت بصحبة أمها مودعة أم بلال التى ودعتهم بابتسامة متفائلة على وعد باللقاء
أحتضنت دنيا أم فارس وهى تقبلها هى ووالدتها و تعزيهما فى فقد الزوج والوالد والركن الشديد ومظلة الحماية لعائلتهم الصغيرة وبعد وقت قصير باغتتهم والدة دنيا بقولها
ها يا فارس حددت معاد مناسب ولا لسه
نظر إليها فارس منتبها لكلماتها وتبادل نظرات صغيرة مع والدته ثم نظر إلى دنيا وقال
رأيك ايه يا دنيا وأيه المعاد اللى يناسبك
قالت دنيا متلعثمة وهى تتجنب النظر إلى عينين والدتها المصوبة إليها بحدة
المعاد اللى ماما تحدده
حاول فارس أن يخفى ابتسامته فهى غير مناسبة للموقف وقال
أول ما اخلص امتحانات الماجستير على طول كويس
ونظرت والدة دنيا إلى والدة فارس تسألها
أيه رأيك يا حجة
قالت أم فارس مرحبة ومندهشة فى نفس الوقت
كويس أوى
ظهرت علامات الأرتياح على وجه والدة دنيا ونظرت لفارس وقالت بصدق
كتب الكتاب هيبقى على الضيق كده فى البيت يعنى متفتكرش انى طالبة منك فوق طاقتك وأنا عن نفسى مش عاوزه غير أنى اطمن على بنتى أنى لو مت وسبتها تبقى مع راجل يقدر يحميها ويتحمل مسؤليتها والحاج الله يرحمه كان دايما بيقول عليك قد المسؤلية
لمعت عينى فارس تأثرا وأطرق برأسه حزنا على فقد هذا الرجل الذى كان يتمنى أن يمتد به العمر أكثر ليثبت له أنه عند حسن ظنه به بينما قالت والدته
الله يرحمه
أخبرته والدة دنيا برغبتها فى بقاء دنيا معها هذه الفتره وبعدم رغبتها فى عودتها للمكتب وطمئنها فارس بموافقته وأن الدكتور حمدى ليس لديه أى مانع وأنه يقدر ظروف دنيا بعد ۏفاة والدها
جلس بلال إلى والدته بعد عودته ليلا وعلى وجهه سعادة كبيرة لما يسمعه منها عن عبير ووالدتها وقال بلهفة
بجد يا أمى يعنى انت فعلا حسيتى انها مرتحالى طيب افاتحهم فى الموضوع أمتى
ضحكت والدته وهى تقول
ومالك مستعجل أوى كده ده انت يدوب شفتها كام مرة
ثم ضحكت مرة أخرى وهى تستدرك
قال شفتها قال
ضحك بلال لدعابة والدته وقال
أنت بتقولى فيها يا أمى أنا فعلا شوفتها بقلبى وعقلى متقدريش تتصورى يا أمى هى حيية وخجولة وبتحافظ على نفسها قد أيه ودى أول حاجة شدتنى ليها حتى من غير ما اقابلها اصلا
ربتت على ساقه وهى تقول مطمئنة
متقلقش سيب الموضوع على الله ثم عليا لو تحب أروح اخطبهالك النهاردة قبل بكره
فرك كفيه قلقا وهو يقول
أنا بس عاوز أتكلم معاها علشان أعرف شوية حاجات تهمنى كده وده ان شاء الله يحصل فى الرؤية الشرعية
بس يابنى هنروح نتقدم كده مش نستنى لما تخف الأول طيب
أبتسم بلال ابتسامة ذات معنى وهو يتمتم
ماهى لما تبقى مراتى هعرف اعالجها بضمير
وقفت عزه ليلا فى نافذتها تتطلع إلى بداية الطريق عن كثب وتتأمل المنعطف الذى
يجتازه عمرو يوميا فى نفس الميعاد عائدا من عمله ظلت تنظر لساعة يدها بين كل دقيقة وأخرى فى قلق وهى تتمتم بقلق
أتأخر أوى النهاردة
سمعت صوت أنثوى من خلفها يقول
سبحان الله له فى خلقه شئون
ألفتت عزة إلى عبير وعاودة النظر من النافذة مرة أخرى إلى تلك البقعة الفارغة والتى تنتظر عمرو ليمر بها وكانهما على موعد وقالت
بطلى التلميحات دى يا عبير
ضحكت عبير وهى تقول
صحيح والله الممنوع مرغوب الراجل كان بيتمنالك الرضا ترضى وكنت حتى مبتفتكريش شغله الصبح ولا بالليل أول ما يديكى الوش الخشب تبقى هتموتى عليه وعارفة مواعيد رجوعه بالظبط
قالت عزة بتوتر دون أن تنظر إليها
أنا مش ھموت على حد على فكرة أنا واقفة عادى
قالت عبير وهى تومأ برأسها ساخرة
صح وانا مصدقاكى
ثم قالت مردفة
على فكره بقى اللى بيحصل ده فى مصلحتك والله
لمعت عينيى عزة بالدموع وهى تقول بهمس
من مصلحتى انه يخاصمنى ومش عاوز يرد على تليفوناتى ويتهرب مني من مصلحتى أنه قلع الدبلة وقالى اقلعيها خلاص
هزت عبير رأسها نفيا وهى تقول
لاء من مصلحتك انك تعرفى قيمة الراجل اللى هتجوزيه أيا كان مين الراجل ده من مصحلتك أنك تشيلى من قلبك أى رواسب قديمة كانت هتسبب فى مشاكل بينكوا بعدين وانا شايفة بقى اللى حصل ده هو اللى هيشيل الرواسب دى
قالت عزة بصوت مخټنق بالدموع
والدبلة اللى قلعها
قالت عبير بثقة
ولا تسوى حاجة أنت عارفة أنه بيحبك والدبلة
متابعة القراءة