من نبض الألم عشت غرامي بقلم فاطيما يوسف

موقع أيام نيوز


تحت يد خ ط المحاكم جلست في غرفة الانتظار تحاول تهدئة حالها وتنظم من أنفاسها المتلاحقة اثر صعود الأدراج 
نظرت حولها وجدت عددا من الإناث المتقدمين فاليوم حدد مقابلة الإناث فقط لينتقى منهن خمس فقط للتعيين لوت شفتيها بامتعاض وحدثت حالها 
_ وإنتي هتاجي ايه في المتقدمين دول ! هما مالهم مظبطين حالهم على الأخر إكده ليه وكأنهم جايين ملهى ليلي مش مكتب محاماة محترم علشان يشتغلوا !

وبتلقائية أمسكت هاتفها ونظرت في شاشته واتخذتها مرآة لها وتابعت حديثها وهي تنظر إلي ملامح وجهها بدقة
_ ده أني شكلي عفش اووي جنبهم بالنضارة اللى اني لابساها داي ولا البدلة اللى مخلياني كيف الراجل والكوتشي وكاني رايحة النادى 
إيه اللي عميلته في حالي ده !
كانت تارة تنظر إليهم وتارة تنظر إلى حالها وبعد حديث دار أكثر من عشر دقائق مع حالها قررت أن لا تحضر المقابلة اليوم وتأتي في وقت لاحق وقامت من مكانها وكادت أن تغادر الغرفة إلا أنها استمعت إلي إسمها ينادى من مديرة مكتبه فهو بنفسه ينتقي المتدربين دون تدخل من فريق العمل الخاص به كى ينتقيهم بعناية فائقة 
زاغ بصرها خوفا من المقابلة وخاصة أنها رأت سابقتيها اللاتي أجرين المقابلة فقد كانوا في أبهى حلتهم وهي بجانبهم صفرا على الشمال وبالرغم من جمال وجهها وعيونها الواسعة وبشرتها الخمرية التى زادتها جمالا بعينيها ذات العسلي الفاتح إلا أنها كانت تقلل من حالها بشدة
عادت بخطى بطيئة إلي الداخل بعدما نودي علي اسمها عدة مرات ووقفت أمامها تردد بتوتر 
_ بعد إذنك يافندم هو ينفع المقابلة دي تتأجل النهاردة وآجي المرة الجاية 
لم ترفع مديرة مكتبه أعينها من على اللابتوب واصابعها تعمل بمهارة فائقة وهي تردد بعملية
_ هنصحك نصيحة لوجه الله في السريع إكده إللي تاجي مكتب ماهر البنان وتأجل تبقى خسرانة لأنها مش هتدخله تاني 
وتابعت تحذيرها وهي ترفع عيناها إليها اخيرا وتشاور بيدها ناحية الباب
_ اللي يخرج من الباب ده متردد مبيرجعهوش تاني اهم حاجة بيحبها المتر إن اللى شغالين معاه يبقوا عندهم ثقة في حالهم 
ها هتدخلي علشان إنتي كدة هيتحسب عليكي عدم الالتزام عند المتر وخسړتي أول بونت في انطباعه عنك 
ولا هتاخدي حالك وتمشي وانادم علي اللي بعديكي 
فكرت سريعا في كلماتها ودون أن تنطق دلفت إلي المقابلة وهي تخشى خسارة الفرصة الوحيدة للتدريب في ذاك المكتب ويضيع حلمها 
دلفت إلى الداخل بخطي سريعة ووقفت أمامه ورددت السلام وهو منكب على اللابتوب أمامه يراجع الملف الخاص بها 
فتحدث ذاك الماهر مرددا بتساؤل دون أن ينظر إليها 
_ عندك استعداد تتسجنى لو ملف عميل هنا ضاع منك او لقيناه مع الخصم وكنتي إنتي المسؤولة عنه 
جالت علامات الطيف على وجهها من أول استفسار وفكرت سريعا لما استمعت إليه من نصيحة تلك المديرة
_ علشان أبقى محامية ناجحة لازم تكون عيني وسط راسي ومسمحش للظروف ولا الخېانة يقربوا مني ودايما هاخد احتياطاتي من القريب قبل الغريب ولو حوصل ابقى مهملة والمهمل يتعاقب علشان يتعلم .
دون إجابتها دون أي انبهار وأكمل استفساره 
_ ايه هي مواصفات المحامى الناجح في أي قضية يمسكها من وجهة نظرك 
جالت بتفكيرها إلى أن أجابته بثقة 
_ يكون عنده سرعة بديهة ويمسك في أول نقطة يستبعدها في نجاح قضيته ويحافظ على ملفاته في مكان ظاهر خفي في نفس الوقت.
دون إجابتها تلك المرة بإعجاب ولكن على وضعه دون أن ينظر إليها وتابع تساؤلاته
_ لو قدامك قضية والمكسب فيها مضمون لكن الأتعاب فيها قليلة وجالك الخصم عرض عليكي مبلغ أضعاف الأتعاب بكتييير هتوافقي تسيبي موكلك حتى لو مش هيتسبب له ضرر علشان الأتعاب الزيادة ولا هتعملي إيه 
أجابته بتأكيد 
_ المحاماة مهنة العدالة والفلوس مش أولى أمنياتي وشرف المهنة يحتمني إني معملش عملية إبدال حتي لو النتيجة واحدة ومش هتضر الطرفين بس هعمل اسمي بشرف تتحاكى عنيه محاكم قنا بحالها .
إلي هنا ورفع أنظاره إليها ليرى من صاحبة تلك الإجابات المنمقة والغير مفتعلة وتفحصها جيدا ووجدها ليست كمن سبقوها وعلى الفور قرر تعيينها فهو لم يلفت انتباهه واحدة ممن سبقوها بمظرهم الملفت للأنظار فهو ينتقي فريقه الجاد والعملي وفي نفس الوقت ذو مظهر منمق وهي لاقت استحسانه وردد بأمر وهو يشير ناحية الباب 
_ تمام اتفضلي والسكرتيرة برة هتفهمك كل حاجة المقابلة انتهت .
اغتاظ داخلها من حدته وطريقته المتكبرة وخرجت من أمامه ونفذت الأمر 
وجدت السكرتيرة تعطيها ملفا كاملا وهي تهتف بنفس العملية
_ اتفضلي الملف ده ادرسيه كويس جدا ومن أول الشهر تاجي تستلمي مكتبك هنا مع الفريق اللى هتدربي معاه .
اعتلت الفرحة معالمها بشدة وصفقت بيداها وهي تردد باندهاش
_ إيه ده هو أني إكدة اتقبلت إهنه في مكتب الأستاذ بجد 
أشارت إليها السكرتارية برأسها بموافقة وهي تتابع عملها بمهنية ثم خرجت من المكتب وأقدامها تكاد تطير من شدة سعادتها وهي تنتوى الذهاب إلي جامعتها تكمل يومها الدراسي وهي تشعر بأنها أتمت أهم إنجاز في حياتها اليوم وأثناء سيرانها للخارج رأت ابن عمها دالفا إلى المكتب تلاقت أعينهم فوقفت أمامه بيها مرددة بسعادة
_ جاسر بارك لي مش اتوفقت واشتغلت اهنه في مكتب الخط ماهر البنان 
وتابعت سعادتها وهي تنظر إلى المكان بانبهار 
_ مش عارفة أتشكرك إزاي يابن عمي على وقفتك وياي وأنك قدمت لي اهنه وعرفتني شوية
معلومات عن عوايد المتر منحرمش منيك ياأجدع أخ .
كان ينظر إلى سعادتها العارمة وقلبه فرحا لها وهو مبتسم وعند كلمتها الأخيرة بوصفه كأخ شعر بالحزن الشديد داخله فهو يسعى دائما أن يريها محبته بأقواله وأفعاله ونظراته وهي لاتراه إلا أخا بعد كل ذاك المجهود الذي يفعله 
فبارك لها بخفوت 
_ مبارك عليكي يابت عمي ربنا يفرح قلبك ويرزقك التوفيق والنجاح دايما.
لاحظت حزنه وتبدل ملامحه ولم تعى السبب وراء تبدل وجهه في لحظات فسألته باندهاش 
_ ايه اللهجة دي ! كنت في الاول بتضحك ومبتسم وفي ثانية أحوالك اتغيرت مالك إكده مش فرحان لي عاد 
رأى حزنها البائن على وجهها لطريقته الباردة وأعطاها عذرها فهي لاتعرف بمدى عشقه لها منذ الصغر وأومأ لها بابتسامة
_ كيف إكده ! ده أني اللى مقدملك إهنه ومعرفك كل التفاصيل اللصغيرة قبل الكبيرة وكنت واثق إنك هتجتازي الاختبار ببراعة كماني بس معلش دماغي مشغولة في قضية مكلفنى بيها الاستاذ ووجعالي دماغي واكيد شفتي جديته الشديدة في الشغل عاملة كيف فلازم أنجزها وأشوف لها طريقة.
التمعت أعينها بالسعادة وفورا سألته بتركيز 
_ قضية صعبة طيب إيه رأيك أشرب وياك الشاي بالليل ونفكر فيها زي اللى قبليها ومنها أخد خبرة زي مانت معودني .
فرح كثيرا من اقتراحها فمجرد لحظات يقضيها معها حتى ولو كانت كلها عملا إلا أنه يكفيه وجودها أمامه وهتف بموافقة
_حلو قوي يابت عمي جهزي حالك ٨ بالدقيقة هتلاقيني عنديكم وبشرب الشاي مع عمي عقبال ماتنزلي .
أشارت بوجهها مبتسمة وودعته وذهبت إلي جامعتها فهي في سنتها الأخيرة في كلية الحقوق ومنذ السنة الأولى لها وهي شغوفة بتلك المهنة ودوما تجلس مع جاسر تراجع معه جميع القضايا فهو يكبرها بتسعة أعوام 
وهو في سنته الثالثة في الجامعة جاء الي مكتب ماهر البنان يتدرب فيه والآن اكتسب خبرة عشرة أعوام وأصبح ذراعا أيمنا لذاك الماهر ولكنه نصحها الا تذكر قرابتها له أمامه وهي منذ دلوفها إلى تلك الجامعة تجلس معه وتشاركه في جميع القضايا إلى أن علمها كل صغيرة وكبيرة في أمور المحاماة ولم يبخل عنها بأي معلومة .
______________________________
في فيلا آدم المنسي حيث يجلس مسترخيا على الشزلونج الموجود في حديقته الخاصة أمام حمام السباحة وبيده السيناريو الذي يراجعه منذ اسبوعين فقد قرر ان يقبل بذاك المسلسل الذي قدم له فقصته نالت إعجابه ولكنه كان مترددا دخول عالم الدراما فتجربته في السينما نالت اعجاب الجميع وحقق إيرادات فائقة وخاصة في فلميه الأخيرين وېخاف أن يخوض تجربة الدراما ويفشل العمل ويخسر جمهوره السينمائي ولكن راشد مدير اعماله شجعه على القدوم وخوض التجربة وهو متوقعا نجاحها 
وأثناء قراءته لمشهد ما تتحدى فيه البطلة البطل وتشاغبه جال أمام عيناه عيناي صاحبة أكبر تحدي في حياته الصعيدية ذات الرداء الاسود مكة فوجد لسانه ينطق بصوت مسموع
_ مكة 
ردد اسمها منقطعا بتلذذ على لسانه وتذكر أمرها فترك مابيده وأمسك هاتفه طالبا مدير اعماله الذي رد عليه قائلا
_ أنا داخل عندك على الفيلا اهو ثواني وأكون قدامك .
أغلق الهاتف معه وعاد إلي تفكيره في تلك المتمردة الصعيدية الذي لم ينسى عيناها قط وهي الشئ الوحيد الذي رآه منها ولكن احس بأنها تخبئ وراء ردائها الأسود جمالا آخاذا كجمال عينيها تذكر اللقاء الذى أجرته معه وتذكر صوتها الهادئ الرقيق وتذكر جديتها في التعامل حقا كانت بالنسبة له كالجوهر المكنون وأحس بانجذابه ناحيتها بالرغم من تمردها عليه شعر بأنه يحتاج أن تجلس أمامه مرة أخرى كي يكتشف شيئا جديدا غير معتاد عليه في أي أنثى قابلته فحقا كانت مختلفة ومٹيرة وهادئة وفي نفس الوقت تحفظها عاصفة تبتلع من يقترب أثارته بتحفظها الشديد كان اللقاء الذي أجرته معه خاليا من أي اهتراءات ولا تدخل في حياته الشخصية ولا مروجا لأي إشاعة من التى تحوم حوله 
أخرجه من تخيلاته صوت راشد الذي يلوح بكفيه أمام عيناه مرددا 
_ ايه يا فنان رحت فين كدة أنا واصل بقالي شوية وانت ولا انت هنا 
وتابع كلماته بمشاغبة
_ قول بقى إن المزة الايطالي اللى كنت بتمثل معاها امبارح الفيديو كليب شاغلاك ومطيرة عقلك بصراحة عندك حق .
لوح أدم بكفيه وبسط فمه بسخرية هاتفا
_ مزة مين وإيطالية ايه ماكلهم شبه بعض من برة الله الله ومن جوة يعلم الله 
واسترسل حديثه متسائلا
_ها عملت إيه في الموضوع اللي طلبته منك وصلت لحاجة ولا لاء 
قطب راشد جبينه ونطق مستفسرا
_ موضوع إيه بالظبط إحنا بنا مواضيع كتيير فكرني تقصد انهي فيهم .
ضړب أدم كفا بكف وهو مغتاظا من برود ذاك الراشد مرددا بسخط 
_ موضوع البنت الصحفية اللى عملت معايا الحوار في الجامعة جبت لي المعلومات ولا لسه 
واستطرد بتحذير وهو يشير بأصبعه أمام عيناه 
_على الله تكون معملتش حاجة أو مطلعتليش بالحوار كله دلوقتي حالا .
مط راشد شفتيه بامتعاض وأردف معترضا على طريقته 
_ جرى إيه نجم طريقتك معايا ناشفة وحادة أووي لاحظ انك معاك أهم مدير أعمال في الوطن العربي كله ومينفعش تتعامل معايا بالطريقة دي .
تأفف أدم من ثرثرته وألقى الاوراق من يديه پحده مرددا 
_ ماتخلص ياعم المهم وجاوبني وسيبك من اللوك لوك

بتاعك اللي بتسمعه لي كل يوم .
اندهش ذاك الراشد من حدته ومن
 

تم نسخ الرابط