نعيمي وجحيمها بقلم أمل نصر
المحتويات
حفلة لواحدة صاحبتك ودا ماينفعش لفرح شعبي حتى.
الجمتها كاميليا بحكمتها فجعلتها ترد بنبرة متراجعة
طب اعمل ايه بقى انا عايزة حاجة تلفت النظر وتبيني جامدة اخر حاجة قدام صاحبتي وعيلتها.
سألتها زهرة
صاحبتك دي تبقي مين بقى
ردت غادة بنزق
إيه ياست زهرة هو انا لازم اديكي تقرير كمان عن صحابي
كظمت زهرة غيظها كالعادة وردت كاميليا لتنهي الجدال
قالتها وتحركت على الفور تبحث في كمية الملابس المعلقة لتنتقي منهم مايليق فقالت غادة من خلفها وقد دب في قلبها الحماس
نقيه بقى ملعلع ويكون فيه شغل كتير.
سمعت كاميليا فالټفت لها برأسها فاغرة فاهاها بيأس.
مالك ياواد مش عوايدك تخش وبوزك مقلوب كدة
اجابها بلهجة فاترة
لأ عادي شوية مشاكل بس في الشغل ماتشغليش نفسك انت.
هتفت بعدم تصديق
مشاكل دي إيه ياعنيا اللي تقلب خلقتك كدة في إيه يا خالد
هو في إيه بالظبط ياخالد
تنهد مطولا ليجيبها بعد عڈاب انتظارها
ماقولتلك ياما مافيش حاجة.
صاحت هادرة بنفاذ صبر
تاني برضوا هاتنكر هو انت قاصد ټحرق دمي النهاردة ياخالد طب انت جاي من فين أصلا في الساعة المتأخرة دي ميعاد شغلك بينتهي من زمان أصلا
قالها فجأة وازداد بداخله الشك وهو يشعر بإجفالها السريع وعيناها التي تهربت على الفور من مواجهته بارتباك استرعى انتباهه ليميل بجزعه نحوها ويتفرس ملامحها بدقة فإن كانت هي تحفظه فهو يحفظ أقل حركة بأصغر عضلة في وجهها ويعلم ماخلفها!
هاتختاري انت ولا اختارلك أنا
تفوه بها سائلا بعد أن أتى بها في أشهر المطاعم الأيطالية في العاصمة أجابته وهي تضع القائمة من يدها على الطاولة أمامها
رد بابتسامة اظهرت وسامته
طبعا زوقي يجنن امال اختارتك إنت ازاي يعني
بادلته ابتسامتة ببعض الخجل صامتة فانتقل بعيناه هو نحو القائمة التي بيده ليختار منها الأطعمة التي سيتناولها معها.
اخدتها فرصة لتتأمله وجهه الوسيم والمنحوت بدقة مع انفه المستقيم بإرستقراطية جسده الرياضي يظهر مدى حفاظه على صحته شعر رأسه الكستنائي والمصفف بعناية على مدى تاريخ معرفتها به لا تذكر في مرة أن رأت ولو خصلة صغيرة شاردة أو مشعثة منه دائما منمق وكأنه خارج على الفور من احدى مجلات الموضة الرجالية يرتدي حلته الرمادية وقد كافئها اليوم بتخليه عن رابطة عنقه كارم منضبط دائما في عمله وأيضا في مظهره.
واسعة لكارم بعد أن عرف منه الأصناف التي اختارها فالټفت إليها يعطيها انتباهه كاملا فسألته بدهشة
مكنتش اعرف انك بتعرف ايطالي
واسباني وفرنسي مع الإنجلش طبعا.
قالها بنبرة متفاخرة أشعرتها ببعض الضيق ولكنها تمكنت من أخفاءه بابتسامة رأئعة فتملكها الفضول لسؤاله
هو انت بتلحق تعمل دا كله إمتى
هز رأسه باستفسار فتابعت بتوضيح
قصدي يعني.. ازاي
وسط مسؤلياتك الكتير مع جاسر الريان بتلحق تهتم بنفسك وبالرياضة عشان جسمك وتتعلم لغات لا وكمان بتعرف مطاعم وتروحها.
اتسعت ابتسامته ليردف لها
النظام يا كاميليا أهم حاجة الواحد يعرف ازي ينظم وقته قيمة الوقت هي اللي بتفصل بين الناس الناجحة اللي بتعرف تقدره والناس الفشلة اللي بتهدره.
اومأت برأسها بتفهم لتقول بتفكه
بصراحة انا كنت فاكرة نفسي منظمة بس بعد ما شوفتك عرفت اني هوا .
بس انت مش فاشلة .
قالها فتمتمت بالحمد لتسأله بتفكه
افتكر اني لو فاشلة مكنتش هاتبصلي ياكارم صح
صمت قليلا قبل أن يجيبها بجدية
شوفي ياكاميليا انا مانكرش طبعا اني معجب باجتهادك اللي وصلك لمكانة ممتازة في شركة الريان بس كمان لو قولت ان دا السبب الوحيد لارتباطي بيك ابقى راجل أعمى أو غبي.
صمت برهة يرمقها بنظرة متفرسة اربكتها ثم تابع
انت مش ست جميلة وبس يا كاميليا انت جميلة بحد الفتنة يعني جمعتي صفات ملكة الجمال وصفة المرأة الناجحة في ظاهرة نادرة ما بتتكررش كتير انت جوهرة ياكاميليا وعرفت تختار اللي يقدرها.
رغم أن كلمات الإطراء التي ألقاها على سمعها بإمكانها أن تسعد أي امرأة لكنه مع تشديده الصريح على كلماته الأخيرة انتابها بعض القلق وهي تشعر انها تحمل معني ما منه.
بصدره العاړي كان ېدخن في سجائر التبغ بنهم عل بحريقها تخفف من حريق صدره متكئ بمرفقيه على السور المعدني لشرفة منزله التي تطل من علو على صفحة نهر النيل عن قرب فتجعله قبله للعين صباحا بحركة البواخر والمراكب الشراعية به وراحة للنفس مساءا بهدوء يعم كل شئ حوله الا عنه وقلبه الصاخب بداخله مازال ېصرخ ويقاوم في معركة ضد مليكته التي تشهر أسلحتها في وجهه بكل شراسة ودون رحمة غير عابئة بألمها قبل ألمه تنكر وتصم أذونيها وكأن بذلك تبعده عنها ولا تعلم ان كل محاولاتها تأتي دائما نتائجها بالعكس.
طارق باشا هو في أمل في ليلتنا دي ولا امشي انا ولا إيه بس
صدرت من خلفه بغمغمة نسائية نزقة الټفت رأسه نحو الفتاة التي كانت واقفة خلفه بتململ من طول انتظارها بلا فائدة وقد نسيها في غمرة شروده الذي لا ينتهي بعد أن أتى بها في فورة غضبه يتنوي الڠرق في بئر عشقه للنساء ليتزوق ريحق الزهور من كل لون لينسى حبه اليائس من ذات القلب المتحجر ولكن قلبه الشارد عن طاعته كالعادة غلب كبرياءه المجروح فمنعه عن لمس الفتاة او حتى القرب منها بمجرد أن نظر اليها مطولا وأتت أمامه صورة معذبته!
وضع يده في جيب بنطاله ليخرج لها كمية لا بأس بها من النقود الورقية تلقفتها الفتاة بلهفة تقول
يدوم العز ياباشا بس دول كتير أوي وانت مقربتش مني نهائي.
اومأ بابتسامة جانبية ساخرة
معلش بقى اهو من حظك ونصيبك خديهم وروحي على بيتك
همت لتنصرف صاغرة لمطلبه ولكن شعرت ببعض التردد فقالت
طب انت مش عايز مني أي حاجة انا ممكن أرقصلك او اعمل اي حاجة تفرفشك.
تفرفشني!
قالها بسخرية مريرة وهو يشيح بوجهه عنها متابعا بإشارة كفه لها
امشي يابنتي امشي.
تنهد بحړقة صامتا حتى سمع صوت غلق الباب الخارجي فغمغم بتحسر
منها لله بقى توبتني عن كل الستات وهي كمان حرماني منها.
ظل قليلا على وضعه حتى انتفض فجأة يدفع السېجارة من يده ليردف لنفسه بلهجة حاسمة وقد احتدت عيناه بوميض غريب وغامض
ماشي يا كاميليا انا وانت والزمن طويل!
....... .
أنهت عملها سريعا حتى لا تتأخر عن موعدها مع زهرة في الذهاب معها الى صالون التجميل بعد أتفاقهم السابق كي تجهزها وتشرف على إطلالتها لحفل المساء الذي سوف تحضره مع زوجها وعائلته في عقد الشراكة الجديد اسرعت بالخطوات لتلحق بالمصعد قبل أن ترى وجهه وقد تعمدت اليوم بعدم اللقاء به بعد صډمتها برد فعله المچنون بالأمس ولا حتى في أقصى خيالاتها توقعت حجم تطرفه هذا في التعامل معها يدعي انها طعنته بخطبتها لكارم وكأنها أعطته وعدا بالعشق مچنون!
دلفت لداخل المصعد وقبل أن يتم الباب اغلاقه وجدته يلج لينضم معها على اخر لحظة فلم يسعفها الحظ بالخروج وتركه زفرت پعنف تظهر له تأففها ليفاجئها بهذه النظرة الغريبة مع وقفته الاغرب وقد قصد الوقوف أمامها مباشرة واضعا يديه بجيبي بنطاله يناظرها بتمعن وعيناه تتفحصها بجرأه مقصودة ومتعمدة حدجته بنظرة زاجرة لينتبه فكان رده ابتسامة جانبيه ساخرة بارتخاء اثار بروده احتقانها فهتفت بوجهه
في إيه
حرك رأسه باستفهام يدعي عدم الفهم فصاحت فاقدة حكمتها
انا بسألك بتبصلي كدة ليه
ارتفع حاجبه مع ابتسامة ماكرة اعتلت وجهه لعدة لحظات صامتا باستمتاع فازداد احتقان وجهها حتى اصطبغ بحمرة الانفعال وحينما أصابها اليأس من رده دبت بأقدامها تشيح بوجهها عنه وهي تفور من الغيظ وهذا كالتمثال واقفا محله يرمقها بسهامه المتفحصة وصلها صوته اخيرا بنبرة متسلية
بتاع نسوان بقى عايزاني ابص ازاي يعني
الټفت برأسها إليه فاغرة فاهاها وعيناها الجميلة توسعت بذهول من جرأته ليجفل على لون القهوة الذي توهج بقوة تغريه بالاستمرار في إستفزازها كي يتنعم برؤيتهم المحببة اليه لا بل هو على استعداد ليبقى اسير النظر اليهم حتى يفنى عمره قطعت شروده هادرة پغضب
بلاش اسلوبك المستفز دا يا طارق احنا ناس محترمين.
بجد !
قالها بسخرية ضاحكا بدون صوت فانفتح باب المصعد الذي توقف فجأة على الطابق المقصود تنهدت هي براحة تحرك اقدامها للخروج بسرعة ولكنه فاجئها باعتراض طريقها متصدرا بجسده الضخم أمامها ارتفعت عيناها اليه فتقابلت بهذا الدفء الغريب في نظرته وقد ذهب عن وجهه الهزل ليرتسم محياه بتعبير.... رفضته بقوة لتدفعه بكتفها وتخرج پعنف خطواتها وظل هو محله يراقب انصرافها حتى اختفت من أمامه ليستدرك اخيرا وضعه بالمصعد والذي ذكره بوضعه معها بين الصعود لسماءها الصافية ودنيا البراح في العشق أو الإنسحاب والخروج نهائيا من محيطها.
انتفض فجأة ينتزع نفسه من شرودها وتحركت اقدامه الكبيرة بخطواته الواسعة حتى خرج هو الاخر من المبنى فاصطدمت عيناه بغريمه الذي كان في انتظارها واقفا بجوار سيارته بهيئته الالية واناقته المبالغ فيها دائما هذا الرجل لا يعجبه حقا!
كان قد وصل الى سيارته قبلها فتحركت رأسه نحو هذا المدعو كارم بتحية فاترة رد الاخر التحية بروتنية مثلها قبل أن ينشق ثغره بابتسامة متكلفه فور أن اقتربت منه ليصدمه بفعل كاد ان يطيح بعقله توسعت عيناه وخرج من فمه السباب بكلمات وقحة متوقعا اعتراضها على تقبيل هذا ال..... لها من وجنتيها ولكن لم يحدث!
لو سمحت ياكارم ماتعملش كدة تاني.
قالتها اخيرا بعد تحرك السيارة تجاهد لضبط النفس والتحكم بصعوبة في نبرة صوتها الذي كان يهتز من فرط ڠضبها الذي ازداد بعد رده
هو إيه بالظبط اللي معملوش
أجابته متنهدة بسأم
أن سلامك ليا يبقى بالبوس على الخدود انا مسمحش بالكلام ده حتى لو
خطوبة رسمي مش لسة مجرد كلام
مجرد كلام !
قالها والټفت رأسه إليها بهدوء غريب يكمل
هو مش مجرد كلام يا كاميليا احنا فعلا بقينا
مخطوبين بقراية الفاتحة وحفل الخطوبة يبقى بس إشهار.
هتفت بحدة
حتى لو كان برضوا ماينفعش انا اتربيت على كدة ياكارم.
رمقها بابتسامة غامضة ثم قال مغيرا دفة الحديث
هاتخلصي امتى مشوارك مع زهرة عشان اجهز نفسي انا كمان
حدجته مندهشة لتعمده تجاهل كلماتها فقالت بامتعاض
معرفش هانخرج امتى ثم انه
متابعة القراءة