مزرعة الدموع بقلم مني سلامة

موقع أيام نيوز


تلك الكلمة التى تحاول أن تتناساها لكنها واقع وأمر مفروغ منه لم تعد تستطيع الهرب عاد عمر و أحضر سيارته أوقفها أمام ياسمين وفتح لها الباب شعرت بإحساس غريب هو مزيج من خوف وحيرة وتردد للمرة الأولى تركب سيارة رجل غريب بمفردها ذكرت نفسها ليس غريبا يا ياسمين بل هو زوجك زوجك الذى فرض عليك فرضا زوجك رغم أنفك اهربي منه فى عقلك كما تريدين لكنك لن تستطيعي الهرب من الواقع أبدا 

ترددت لحظات فى الركوب نظر اليها عمر يراقب ملامح التردد على وجهها ركبت بجواره بجوار زوجها شعرت بالرهبة تنهدت وحاولت السيطرة على خفقات قلبها هى حتى لا تعلم مما هى خائفه سار عمر فى طريقه الى المنصورة يلقى نظرة عليها كل فترة نظر اليها قائلا 
عايزه تروحى فين 
صمتت لتفكر ثم قالت 
عايزة أروح أى مكتبة اسلامية
قال بإستغراب 
مكتبة اسلامية 
أومأت برأسها فقال 
ليه 
قالت بهدوء 
عايزة أشترى مصاحب عشان أحطها فى المسجد اللى فى القرية صدقة جارية لبابا وماما الله يرحمهم
شعر عمر بحنان جارف تجاهها لاحت ابتسامه على شفتيه ونظر الى يدها الموضوعة بجانبها على المقعد مد يده ليحتضن كفها فأزاحت يدها بسرعة وكتفت ذراعيها أما صدرها
تضايق عمر لكنه أخفى ضيقه مراعاة لمشاعرها وللظروف التى تمر بها توقف أمام المكتبة نزل معها وواختارت ما تريد وعندما همت بفتح حقيبتها وجدت عمر
يسبقها ويخرج محفظته فقالت بسرعة 
لأ أنا اللى هدفع 
نظر اليها عمر نظرة محذرة نظرة صارمة دون أن يتكلم كم اخافتها نظرته فألجمت لسانها يا لهاتين العينين هما قادرتان على غمرها بالحنان تارة وعلى اخافتها تارة أخرى دفع عمر المبلغ للرجل وحمل المصاحف ووضعها فى صندوق السيارة وتوجه الى باب ياسمين وفتحه لها ركبت ياسمين وركب عمر وانطلق فى طريقه ساد الصمت قطعته ياسمين وهى تخرج المال من حقيبتها وتعده ثم تعطيه له فى حده قائله بحزم 
اتفضل
ألقى عمر نظرة على المال ثم عليها صمت للحظات بدون رد فعل ومازالت يدها ممدودة بالمال ثم أخذه منها ووضعه بإهمال على تابلوه السيارة نظرت أمامها قال عمر بهدوء لكن بحزم 
تانى مرة لما أكون معاكى فى مكان أوعى تفتحى شنطتك وتحاولى انك تحاسبي أنا راجل مش شوال جوافة
قالت بهدوء 
الحاجة دى بتاعتى وأنا اللي لازم أدفع تمنها
قال بحزم دون أن ينظر اليها 
ده يبقى بينى وبينك مش أدام الناس 
ثم نظر اليها قائلا 
اتفقنا 
نظر اليه تلاقت نظراتهما هى تحاول قراءة عينيه وهو يحاول قراءة عينيها أومأت برأسها ثم عادت لتنظر أمامها فسألها 
عايزة تروحى مكان تانى 
قالت بتردد 
لو مش
هعطلك عايزه أروح أى دار أيتام هنا
فكر عمر قليل ثم قال 
ماشى 
ثم نظر اليها وابتسم ابتسامه عذبه قائلا 
حبيبتى تأمر وأنا أنفذ
اختلج قلبها لابتسامته الجذابه وكلماته الرقيقة فأشاحت بوجهها وذكرت نفسها بكل ما علمته عنه وبكل ما تكرهه فيه 
سمعت ريهام طرقات على الباب فقامت لتفتح ظنا منها أنها ياسمين لكنها وجدت كرم أمامها ابتسم لها قائلا 
وحشتيني جيت أشوفك
ابتسمت ريهام بخجل وقالت 
احنا كنا لسه أفلين مع بعض من شوية
قال فى مرح 
انتى فاكرة ان صوتك كفاية يعني ده أنا لما بتكلم معاكى فى التليفون بحس انك بتوحشيني أكتر
سألها بخفوت 
ياسمين جوه 
لأ خرجت راحت المنصورة
ابتسم كرم قائلا 
كويس 
ولدهشتها وجدته يدفعها ويدخل ويغلق الباب قالت بدهشة 
كرم انت بتعمل ايه
قال بجديه 
عايز أتكلم مع مراتى ايه فيها حاجه
أشارت الى الباب المغلق قائله 
بس مش كدة مينفعش كده
ضحك قائلا 
يا بنتى انتى مراتى
جذبها من ذراعيه ليضمها الى صدره فدفعته عنها قائله بخجل 
انت بتهرج على فكرة
ابتسم قائلا 
أموت فيك وانت مكسوف كده طيب أنا بس عايز أتكلم معاكى فى موضوع
قالت بتوتر 
طيب اتكلم بسرعة
قال 
ايه هتكلم واحنا واقفين كدة  
ثم ألقى نظرة على الغرفة التى تحتوى على سريرين ودولاب وتسريحة فقالت ريهام هاتفه 
مفيش مكان هنا نعد عليه
نظر الي السرير ثم قال بخبث 
معاكى حق القعاد هنا خطړ 
هتفت ريهام بحنق 
اطلع بره يا كرم
نظر اليها بجديه قائلا 
حبه جد بأه عشان فى موضوع مهم فعلا عايز أكلمك فيه
رأت ملامح الجدية على وجهه فشعرت بالقلق وقالت 
خير 
قال كرم بجديه 
أنا خلاص معدش ينفع أستنى هنا أكتر من كده الشغل كتير فى القاهرة وفى حاجات لازم أعملها بنفسي يعني لازم أرجع القاهرة فى أقرب وقت
صمتت ريهام قليلا لا تدرى ما تقول فأكمل كرم 
لازم تيجي معايا القاهرة يا ريهام يعني أقصد تعيشي معايا تبقى ډخله يعني
نظرت اليه وقالت بدهشة 
انت بتقول ايه يا كرم ازاى أعمل فرح وأبويا لسه مېت 
قال كرم بسرعة 
مش لازم نعمل فرح بس أنا مضطر أرجع القاهرة ومش عايز أسيبك هنا عايزك معايا يا حبيبتى وبعدين انتى ناسية الإمتحانات بتاعتك انتى نفسك لازم ترجعى القاهرة عشان امتحاناتك 
فكرت ريهام بتمعن ثم قالت 
وازاى أسيب ياسمين لوحدها 
ياسمين مش لوحدها جوزها هنا عمر وكمان طنط كريمه هنا 
أخذت تفكر ثم قالت له فى حيرة 
مش هقدر أمشى من هنا يا كرم إلا بعد ما أطمن ان ياسمين هى كمان هتبقى مع عمر فى بيته ومش هتعد هنا لوحدها
قال كرم مطمئنا 
متقلقيش أنا واثق ان عمر هو كمان هيعجل بموضوع الډخله عشان الوضع كدة مش مظبوط يعني مينفعش تعدوا انتوا الاتنين لوحدكوا وفى سكن عمال طالعه نازله وكل واحدة متجوزة راجل يسد عين الشمس 
نظرت اليه قائله 
خلاص شوف انت عمر ناوى على ايه بس أنا مش همشى من هنا طول ما ياسمين أعده مش ممكن هسيب أختى لوحدها وفى ظروفنا دى احنا خلاص بقينا لوحدنا وملناش الا بعض
اقترب منها كرم ومسحها على وجنتها فى حنان قائلا 
وأنا روحت فين انتى مش لوحدك يا ريهام أنا معاكى ومش عايز تقلقى من حاجه طول ما أنا معاكى 
ابتسمت بخجل وقالت 
عارفه
يا كرم تعرف انت اللى كنت بتصبرنى الأيام الىل فاتت كنت بفرح لما كنت بتكلمنى كل شوية وبتطمن عليا خلتنى أحس ان مش لوحدى 
ابتسم قائلا 
طبعا مش لوحدك
تركها قائلا بمرح 
ماشى برحتك بكرة تبقى فى بيتى يا جميل أنا وانت وتالتنا الشيطان
ضحكت ريهام وأخفت ضحكتها بيدها فأكمل قائلا 
ولا تقوليلى سيب الباب مفتوح ولا كده مينفعش يا كرم ده انا هخلص منك القديم والجديد  
ازدادت ضحكات ريهام قائله 
وأنا اللى بقول عنك طيب ومحترم
صاح فى مرح 
لا محترم ايه مين اللى ضحك عليكي واداكى الفكرة الغلط دى عنى أنا عندى ميول شديدة للإنحراف بس مكنتش لاقى اللى يوجهنى اديني بس فرصتى وأنا أثبتلك صوت وصورة
صاحت ريهام وهى تكتم ضحكاتها 
كرم اطلع بره
ابتسم قائلا 
ماشى هطلع ليك يوم يا جميل
ثم نظر اليها بفرحه قائلا 
بس عارفه كويس
انى جيت على الأقل شوفت ضحكتك الحلوة دى 
نظرت اليه بحب وقالت مبتسمه 
ربنا يخليك ليا يا كرم
ريهام
مممممممم
اوعى تبصيلى البصه دى تانى وتتكلمى بصوت مسهوك كده طول ما احنا هنا فى المزرعة لما نسافر القاهرة وندخل بيتنا ابقى انحرفى براحتك
هتفت قائله 
انا منحرفه يا كرم
قال بهمس 
يا ريهام أصلك متعرفيش صوتك الحنين ده وانتى بتقولى ربنا يخليك ليا يا كرم عمل فيا ايه
تظاهرت ريهام بالجديه وقالت 
كرم بجد اطلع بره كده اوووفر
نظر اليها بغيظ ثم فتح الباب وقبل أن يخرج ثم خرج مسرعا وهو يضحك قالت ريهام يغيظ بصوت منخفض 
ماشى يا كرم
دخلت ياسمين الى دار الأيتام بصحبة عمر توجهوا الى مكتب المديرة وتبرعت ياسمين بمبلغ لمساعدة الأطفال كصدقة جارية لوالدها ووالدتها رحمهما الله كان عمر يراقبها بعينين حنونتين وهى تتحدث مع المديرة رق قلبه لتلك الفتاة التى أمامه والتى كلما رآها شعر بقلبه كعصفور صغير يرفرف بجناحيه داخل صدره شعر بسعادة غريبة تسري فى كيانه كله وهو ينظر اليها والى أفعالها الطيبة حانت التفاته منها وتلاقت أعينهما كانت نظرته شغوفه حنونه تشى بحب واضح لا يمكن أن تخطئ فى تفسيره أشاحت بوجهها فى خجل أخذتهم المديرة الى حجرة بعض الأطفال وأخذت تتحدث عن المجهودات التى تبذلها الدار لعلاج أولئك الأطفال الذين فقدوا زويهم نظرت ياسمين الى الأطفال البريئة التى تلعب فى مرح ترقرقت عيناها بالعبرات حمدت ربها أن أمد فى عمر أبويها حتى ربوها وكبورها هى و أختها أما هؤلاء الأفطال المساكين معظم لم يروا زويهم وتربوا بدونهم وسيكبرون بدونهم شعرت بالعبرات تندفع من عينينها كالشلال وهى تنقل بصرها من طفل لآخر وضعت كفها على فمها لتكتم شهقات صغيرة كادت أن تفلت منها نظر اليها عمر و خفق قلبه رفع ذراعه وأحاط كتفيها وقربها منه و قبل رأسها انتبهت ياسمين لقربها منه فرفعت عينيها الدامعتين اليه فى خجل لتصطدم بنظرة حنان فى عينيه ثم تبتعد عنه مسحت دموعها اقترب عمر من أحد الأطفال كان طفلا صغيرا فى الثالثه من عمره يمسك لعبة مكونه من جزءين فشل فى تركيبهما فأخذ يبكى أمسك عمر منه اللعبة وركبها و ابتسم الى الصغير وأعطاه اياها ومسح على شعره وقف مرة أخرى بجوار ياسمين ينظر للطفل الذى يلعب بلعبته فى مرح نظرت اليه ياسمين قائله 
تعرف انك خدت ثواب كبير أوى باللى انت عملته ده
الټفت اليها بدهشة قائله 
عملت ايه 
قالت شارحه 
مسحت على راس طفل يتيم اللمسه دى ثوابها كبير
نظر اليها بشغف قائلا بصوت هامس 
كويس يعني معايا كنز حسنات مش هشيل ايدي من عليه أبدا
احمرت وجنتاها وتحاشت النظر اليه قبل انصرافهم توقف عمر وأخرج دفتر شيكاته وكتب شيكا وأعطاه الى مديرة الدار لم تعرف ياسمين الرقم المكتوب لكنها رأت علامات الفرحة على وجه المرأة ونظرت اليه قائله 
ربنا يباركلك يا ابنى ويحفظك من كل سوء ده أكبر مبلغ حد يتبرع بيه من يوم ما فتحنا الدار  
أخذت ياسمين تنظر اليه وهى تتسائل فى نفسها ترى
 

تم نسخ الرابط